الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ }

قوله: { بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى }: قرأ نافعٌ وهشام " بخالصةِ ذكرَى " بالإِضافة. وفيها أوجه، أحدُها: أَنْ يكونَ أضافَ " خالصة " إلى " ذكرَى " للبيانِ؛ لأنَّ الخالصةَ تكونُ ذكرى وغيرَ ذكرْى كما في قولِه:بِشِهَابٍ قَبَسٍ } [النمل: 7] لأنَّ الشهابَ يكونُ قَبَساً وغيرَه. الثاني: أنَّ " خالصةً " مصدرٌ بمعنى إخلاص، فيكون مصدراً مضافاً لمفعولِه، والفاعلُ محذوفٌ أي: بأَنْ أَخْلَصوا ذكرى الدار وتناسَوْا عندها ذِكْرَ الدنيا. وقد جاء المصدرُ على فاعِلة كالعافِية، أو يكونُ المعنى: بأَنْ أَخْلَصْنا نحن لهم ذكرى الدار. الثالث: أنها مصدرٌ أيضاً بمعنى الخلوص، فتكونُ مضافةً لفاعِلها أي: بأنْ خَلَصَتْ لهم ذِكْرَى الدار.

وقرأ الباقون بالتنوينِ وعَدَمِ الإِضافة. وفيها أوجهٌ، أحدها: أنها مصدرٌ بمعنى الإِخْلاص فيكون " ذكرى " منصوباً به، وأنْ يكونَ بمعنى الخُلوص فيكون " ذكرى " مرفوعاً به كما تقدَّم ذلك، والمصدرُ يعملُ منوَّناً كما يَعْمَلُ مضافاً، أو يكونُ " خالصة " اسمَ فاعلٍ على بابِه، و " ذكرى " بَدَلٌ أو بيانٌ لها، أو منصوبٌ بإضمارِ أَعْني، أو مرفوع على إضمار مبتدأ. و " الدار " يجوز أن يكونَ مفعولاً به بذكرى، وأن يكونَ ظرفاً: إمَّا على الاتِّساعِ، وإمَّا على إسقاط الخافض، ذكرهما أبو البقاء. وخالصة إذا كانَتْ صفةً فهي صفةٌ لمحذوفٍ أي: بسببِ خَصْلَةٍ خَالصةٍ.