الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }

{ أَرَأَيْتَ } خطاب لمحمّد (ص) والرّؤية من رؤية البصر او رؤية القلب او الخطاب عامّ { مَنِ ٱتَّخَذَ } من موصولة ومفعول لرأيت او استفهاميّة ومفعول معلّق عنه العامل { إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } قدّم المفعول الثّانى للاهتمام به والهوى مقصوراً المحبّة والعشق فى الخبر والشّرّ والمهوىّ كذلك لكن اذا اضيف الى الانسان او الى نفسه يتبادر منه الهوى فى الشّرّ بالنّسبة الى الانسانيّة، والآله هو الّذى يعبده الانسان يعنى يطيعه فى اوامره ونواهيه ويجعل غاية حركاته وسكناته الّتى يسمّيها عبادة رضاه، ولمّا كان الانسان ما لم يصر بالنّسبة الى الله والشّيطان كالمدارك بالنّسبة الى النّفس ذا وجهين وجه الى نفسه ووجه الى عقله ووجهه النّفسانىّ يأمره بمهويّات النّفس الّتى فيها هلاكه وضلاله، ووجهه العقلانىّ يأمره بمرضيّات العقل الّتى هى مرضيّات الله ومأموراته، وبعبارةٍ اخرى ما لم يخرج الانسان من حكم نفسه ولم يتمكّن فى اتّباع الرّحمن او الشّيطان كان عليه حاكمان حاكم الهىّ عقلانىّ وحاكم شيطانىّ نفسانىّ هذا يزجره وذاك يغويه، فاذا اتّبع الشّيطان فى اغوائه والنّفس فى هواها واراداتها ومهويّاتها تدرّج فى المحكوميّة للشّيطان والنّفس بحيث تمكّن فى ذلك ولم يبق فيه مدخل ومخرج للعقل والملك والرّحمن، ولا يقبل حكم الله بتوسّط الملك والعقل، ولا يحبّ مرضيّات العقل ولا يطلبها بل يطبع الشّيطان فى امره بطلب المهويّات والمهويّات فى جذبها الّذى هو أمرها التّكوينىّ والارادات فى تسخيرها له الّذى هو امرها فيكون الشّيطان معبوداً له اوّلاً كما قال تعالى حكاية لقول الملائكةبَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ:41] لكن من حيث لا يشعرون بل يحسبون انّ الله يعبدون ثمّ المهويّات ثانياً ثمّ الاهوية والارادات ثالثاً ونعم ما قيل:
اى هواهاى توخدا انكيز   زين خداهاى توخدا بيزار
{ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } حتّى تحزن على اتّباعهم الهوى وعدم استماعهم منك وتضيق صدراً به، والوكيل فعيل بمعنى المفعول من وكل اليه الامر سلّمه اليه وتركه، وتعديته بعلى بتضمين مثل معنى الرّقيب.