الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } قال أبو البقاء: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مبتدأ، وفي الخبر وجهان:

أحدهما: { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } ، والتقدير (منهم)، فحذف العائد، كما حذف في قوله:وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43].

والثاني: أن الخبر { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ }. و { لاَ نُكَلِّفُ } معترض بينهما - انتهى - وعلى الثاني اقتصر غير واحد من المحققين. قالوا: وسر الإعتراض، الترغيبُ في اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولة مناله، وتيسير تحصيله، والذي حسّنه سبق العمل الصالح قبله. أي: وإذ علم أن مبنى التكليف على الوسع، زادت الرغبة في ذلك الاكتساب، لحصوله بما فيه يسر لا عسر.

لطيفة

الوسع: ما يقدر عليه الإنسان بسهولة ويستمر. قاله الرازي، أخذاً من قول معاذ في الآية (يسرها لا عسرها) قال: وأما أقصى الطاقة فيسمى جهداً لا وسعاً، وغلط من ظن أن الوسع بذل المجهود.

قلت: في القاموس: الوسع (مثلثة) الجدة والطاقة كالسعة. وفيه: الجهد: الطاقة (ويضم) والمشقة - انتهى.

قال ابن الأثير: الجهد (بالفتح): المشقة، وقيل: المبالغة، وبالضم: الوسع والطاقة وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، فأما في المشقة والغاية، فالفتح لا غير - انتهى - وبه يعلم أن ما جرى عليه الرازيّ قول للغويين، ليس وفاقاً.