الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ }

{ واسْتمع } يا محمد، أو يا من يصلح للاستماع مطلقا { يَوم يُنادِ } مفعول لاستمع، أى استمع نفس لفظ اليوم الذى يذكر فى القرآن للبعث، لما فيه من الأهوال، وتصديقك، والحجة لك، كذا قيل، وفيه أنه يبقى قوله: { يناد المناد } على هذا متعطلا، نعم يصح أن يقال: استمع مجموع لفظ { يوم يناد المناد من مكان قريب } أو استمع بمعنى انتظر، فيوم مفعول به له، أى انتظر ذلك اليوم لما ذكر، واستمع، اكتسب السمع، والمراد الحرص والزيادة، أو اسمع سمعا عظيما، وقيل: مفعوله مقدر، أى استمع ما تخبر به من أهوال يوم القيامة، أو استمع نداء المنادى، وذلك أمر له فى الدنيا بسمع يكون يوم القيامة ضرورة عليه بلا كسب، وذلك كنابة عن أنه سيكون النداء ولا بد، واستمع نداء الكافرين باليوم، ويوم متعلق بلفظ نداء المقدر فى الوجهين، أو يخرجون من القبور، دل عليه { ذلك يوم الخروج } أو لا معمول له، أى كن مستمعا لا غافلا.

{ المُنَاد } اسرافيل على الأصح ينفخ فى الصور وينادى: أيتها العظام النخرة، والجلود المتمزقة، والشعور المتقطعة، ان الله يأمركن أن تجتمعن لفصل الحساب، وقيل المنادى جبريل ينفخ اسرافيل وينادى جبريل: أيتها العظام الخ { مِن مَكانٍ قريبٍ } صخرة بيت المقدس، وهى أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلاد على ما حكى عن كعب، أو باثنى عشر ميلا، والله أعلم أصح ذلك، وقالوا: انها وسط الأرض، ولا أعلم هل هذا صح وتأباه معرفة الأطوال والأعراض، فقيل: بل المراد قريب ممن يناديهم، حتى قيل: يناديهم من تحت أقدامهم، وقيل: من منابت شعورهم، يسمع من تحت الأرجل أو من منابت الشعر: أيتها العظام الخ، وقيل: المراد بالقرب استواء الناس فى سماعه بلا كلفه، كما تقول فى الأمر الذى هو سهل التناول لمن أراده أنه قريب، وأجيز أن النداء أن يقال: أيتها النفس ارجعى الى ربك لتدخلى مكانك فى الجنة أو النار، وهؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار، أواحشروا الذين ظلموا } [الصافات: 22] الخ أو:ألقيا في جهنم } [ق: 24] الخ وادخلوها بسلام } [الحجر: 46، ق: 34] أو:خذوه فغلوه } [الحاقة: 30] أو:أين شركائي } [النحل: 27] أو:يا مالك ليقض } [الزخرف: 77] الخ أو:أفيضوا علينا } [الأعراف: 50] الخ، والصحيح ما تقدم، أو المراد بالنداء توجه الارادة الى احيائهم، كما أن بدأهم بقول: كن، أى بتوجه الارادة الى وجودهم وهو خلاف الظاهر.