الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

قوله تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } ظاهر الاية معروف بفتح الامصار لاهل الاسلام ولكن فيه اشارة عجيبة انه تعالى اذا اراد بجلاله ان يزور عارفا من عرفائه ومحبا من احبائه تجلى من ذاته وصفاته له فيقع آثار تجليه بنعت العظمة والكبرياء على الارض فتتروى الارض من هيبة جلاله حتى تصير كخردلة وذلك من غيبة من الخلق قال تعالىوَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } يا ليت للمشتاقين لو يرون ذلك لطاروا من الفرح به كما قيل لو علمنا ان الزيادة حق لغرسنا الطريق بالياسمين وايضا ينقصها من اطرافها لان اوليائه واوتاده فى أطراف الارض فاذا قبضهم نقص اطراف الارض بقبضهم عنها الا ترى الى قوله عليه السلام " فى اخر الزمان لا يبقى صاحب موافق الا فى اطراف الارض ولكل واحد منهم فى كل يوم اجر مائتي شهيد " واذا اراد خراب الارض آوى أولياءه اليه منها ليهلك اهلها بعدهم لان دعاءهم وبركتهم اثبت اهل الارض فى عوافى وذلك من غيرة الله ولا مدفع لغيرته بقوله { وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } قال محمد بن على تخرب الارضين بذهاب اهل الولاية من بينهم فلا يكون لهم مرجع الى ولى فى نوائبهم ومحنهم ويتواتر عليهم المحن والنائبات فلا يكون فيهم من يكشف الله عنهم بدعائه فتخرب وقال ابو عثمان هم الذين ينصحون عباد الله ويحملونهم على طاعة الله فاذا ماتوا مات بموتهم من يصحبهم وقال ابو بكر الشاشى يسبغ عليهم الرزق ويرفع عنهم البركة وقال ابن عطاء فى قوله { لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } احكام الحق ماضية على عباده فيما ساء وسر ونفع وضر فلا ناقض لما أبرم ولا مضل لمن هدى وقال الاستاذ فى قوله { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } فى كلام اهل المعرفة بموت الاولياء ويقال هو ذهاب اهل المعرفة حتى اذا جاء مسترشد فى طريق الله لم يجد من يهديه الى الله.