- قوله تعالى: { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } ، إلى قوله: { فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } الآيات. (أي): إن للذين اتقوا عقوبة ربهم [فأطاعوه] بساتين (النعيم) الدائم في الآخرة. - ثم قال: { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ }. أي: أفنجعل - أيها الناس - كرامتي في الآخرة للذين أطاعوني كالذين عصوني؟! { مَا لَكُمْ... } أيها الناس { كَيْفَ تَحْكُمُونَ }. إذ تجعلون المطيع كالعاصي؟! - ثم قال تعالى: { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ }. أي: ألكم - أيها القوم - بتسويتكم الطائع كالعاصي - كتاب نزل من عند الله أتاكم به رسول أن الطائع كالعاصي فيه تقرؤون؟! وقيل: المعنى: تدرسون أن لكم فيه لما تَخَيَّرون. (فتدرسون) عاملٌ في المعنى في { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } ، [لكن] منعت اللام في " لما " من فتح " إن " (بتدرسون]. ومثله: { إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ }. والتقدير: أن لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة، فإن لكم لما تحكمون. وهذا كله منقطع عند البصريين غير متصل بما قبله، ولا يجوز عندهم تعلق " تدرسون " ، إنما تعلق أفعال الشك لا غير. - ثم قال تعالى: { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ }. أي: إن لكم في ذلك لما تخيرونه، وهذا توبيخ وتقريع لهم لما كانوا يتقولون من الكذب. - ثم قال تعالى: { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }. أي: هل لكم ذلك، أي: ليس لكم أيمان على الله تنتهي بكم إلى يوم القيامة بأن لكم حكمكم في ما تتقولون. وكسرت الألف من " إنّ " لدخول اللام في " لمَا ". وقيل: " بالغة " [وثيقة]، أي: بالغة النهاية في التأكيد. - ثم قال تعالى: { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ [زَعِيمٌ] }. أي: سل - يا محمد - هؤلاء المتقولين (المتحكمين) على الله، أيهم كفيل بأن لهم علينا أيماناً بالغة إلى يوم القيامة؟ وقيل: " زعيم " معناه: ضمين. والزعيم أيضاً المتكلم عن القوم. - ثم قال تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ... }. أي: ألهم شركاء (يعينونهم) ويشهدون لهم بذلك ويحتجون عنهم فيما يدعون فليأتوا بهم إن كانوا صادقين في قولهم فتكون الحجة على جميعهم أبين و [آكد]. - ثم قال تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ (عَن سَاقٍ) وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }. أي: اذكر يا محمد يوم يبدو [أمر] عظيم، وذلك يوم القيامة. قال ابن عباس: يوم يكشف [عن ساق]، هو يوم كرب وشدة وأمر عظيم. وقرأ ابن عباس: " يوم نَكشِف " بالنون. وقرأ ابن مسعود: " يوم يَكشِف " بفتح الياء وكسر الشين. وعن ابن عباس أيضاً أنه قرأ " يوم تَكشِف " بالتاء، يريد القيامة تكشف عن أهوالها.