الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ }: يجوز في خبر الجلالة وجهان، أظهرهما: أنه الموصولُ بعدها. الثاني: أنه الجملةُ مِنْ قولِه { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ } والموصولُ صفةٌ للجلالة. وقَدَّر الزمخشري الرابطَ بين المبتدأ والجملةِ الواقعةِ خبراً فقال: " وقوله: " مِنْ ذلكم " هو الذي رَبَط الجملةَ بالمبتدأ؛ لأنَّ معناه مِنْ أفعاله ". قال الشيخ: " والذي ذكره النحويون أنَّ اسمَ الإِشارةِ يكون رابطاً إذا أُشيرَ به إلى المبتدأ، وأمَّا " ذلك " هنا فليس إشارةً إلى المبتدأ لكنه شبيهٌ بما أجازه الفراءُ مِن الربطِ بالمعنى، وخالفه الناسُ، وذلك في قوله:وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ } [البقرة: 234] قال: " التقدير: يتربَّصُ أزواجُهم ". فقدر الرَّبْط بمضافٍ إلى ضميرِ الذين فحصل به الربطُ، كذلك قدَّر الزمخشريُّ " من ذلكم ": " مِنْ أفعالِه " بمضافٍ إلى الضميرِ العائد إلى المبتدأ ".

قوله: " مِنْ شركائِكم " خبرٌ مقدمٌ و " مِنْ " للتبعيض. و " مَنْ يَفْعَلُ " هو المبتدأ و " مِنْ ذلكم " متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه حالٌ مِنْ " شيء " بعده؛ فإنَّه في الأصل صفةٌ له. و " مِنْ " الثالثةُ مزيدةٌ في المفعولِ به؛ لأنه في حَيِّزِ النفي المستفادِ من الاستفهام. والتقدير: ما الذي يَفْعَلُ شيئاً مِنْ ذلكم مِنْ شركائكم. وقال الزمخشري: " ومِنْ الأولى والثانية كلُّ واحدةٍ مستقلةٌ بتأكيدٍ لتعجيز شركائِهم وتجهيل عَبَدَتهم ". قال الشيخ: " ولا أَدْري ما أراد بهذا الكلام؟ "

وقرأ الأعمش " تُشْرِكون " خطاباً.