الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ } يعني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام. والظرف بدل من المفعول قبله بدل اشتمال، أو مفعول لمحذوف { يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } إنما ناجى يوسف أباه بهذه الرؤيا، لاعتقاده كمال علمه، وشفقته عليه، بحيث لو كانت رؤياه تسوؤه لأمكنه صرفها عنه.

قال القاشانيّ: هذه من المنامات التي تحتاج إلى تعبير، لانتقال المتخيّلة من النفوس الشريفة التي عرض على النفس من الغيب سجودها له، إلى الكواكب والشمس والقمر، وما كانت في نفس الأمر إلا أبويه وإخوته. { يٰأَبتِ } أصله يا أبي، فعوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في الزيادة، وكسرها لأنه عوض عن حرف يناسبها. وقرئ بفتحها لأنها حركة أصلها، أو لأنه كان " يا أبتَا " فحذف الألف، وبقي الفتحة. وقرئ بالضم إجراء لها مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء، من غير اعتبار التعويض. وقوله: { رَأَيْتُهُمْ } استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها، فلا تكرير، أو تأكيد للأولى تطرية لطول العهد، كما في قوله:أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } [المؤمنون: 35]. وإنما أجريت مجرى العقلاء في ضميرهم وجمع صفتهم جمعاً سالماً، لوصفها بوصفهم، وهو السجود.

قال المهايمي: ولو صح كونها ناطقة فلا إشكال. قال: ولم أَرَ مَنْ تعرض لهيأة السجود، ولعله تحريك جانبها الأعلى إلى الأسفل، مستديرة ظهرت أو مستطيلة. اهـ.