الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } كل قلب مستعد لقبول وبل المحبة والمعرفة فيكون بلا زرع الحكمة قبل نزول مطر لطفه فاذا وصل اليه بحر قرب الحق سبحانه اهتز بنيات الحقائق والدقائق وتبهج بنور الحكمة والمقامات السنية ورياض لطائف العلوم الإلهية التى تعلق بها صاحبه بلسان الحق والحقيقة فاحيا بعبارتها وتعبيرها القلوب الميتة والصدور الخامدة فهو تعالى أحيا قلوب العارفين بنظره وبنظر العارفين يحيى قلوب المريدين وهم وسائل حياة القلوب من الحق للخلق كما أحيا الارض الميتة بالمطر إحياءهم قلوب العالمين قال الله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } فهذا المثل ضربه الله للمعتبرين بلطيف صفحه ونعيم لطفه قال عمرو بن عثمان المكى ان لله تبارك وتعالى قلوبا فى اوعية من الاجسام اودع فيها ودائع واخفاها عن الخلق فاذا نزل عليها مياه رحمته وبركات نظره استخرج ودايعه فعرف القلوب محل تلك الودائع واظهر على النفس بركاتها والقى على الخلق هيبة صاحبها فهو فى هيبة عنه الخلق وانكسار عند نفسه وشفقة ونصيحة للخلق وخوف دائم من ذنوبه وذلك من أيات الله الظاهرة وهو حقيقة قوله ومن أياته انك ترى الارض الى قوله ان الذى احيا تلك النفوس بتلك الودائع قادر ان يحيى ببركة نظره قلوبا غفلت عنه وانفسا ماتت عن القيام بخدمته.