الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

يقول تعالى: ممتناً على عبيده فيما خلق لهم من البدن وجعلها من شعائره، وهو أنه جعلها تهدى إلى بيته الحرام بل هي أفضل ما يهدى إله. قال عطاء { وَٱلْبُدْنَ }: البقرة والبعير. وقال مجاهد: إنما البدن من الإبل، واختلفوا في صحة إطلاق البدنة على البقرة على قولين: أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعاً كما صح الحديث، ثم جمهور العلماء على أنه تجزئ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، كما ثبت عن جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الأضاحي: البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وقوله: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } أي ثواب في الدار الآخرة، لما روي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إهراق دم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فَطِيبُوا بها نفساً " ، وقال سفيان الثوري: كان أبو حازم يستدين ويسوق البدن، فقيل له: تستدين وتسوق البدن؟ فقال: إني سمعت الله يقول: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } ، وقال مجاهد { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } قال: أجر ومنافع، وقال إبراهيم النخعي: يركبها ويحلبها إذا احتاج إليها، وقوله: { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } ، وعن جابر بن عبد الله قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه، فقال: " بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي " وروى محمد بن إسحاق عن جابر قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد فقال حين وجههما: " { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } { إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } ، " اللهم منك ولك عن محمد وأمته " ، ثم سمَّى وكبر وذبح ". وعن علي بن الحسين عن أبي رافع " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول: " اللهم هذا عن أمتي جميعها من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ " ، ثم يُؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه، ثم يقول: " هذا عن محمد وآل محمد " فيطعمهما جميعاً للمساكين ويأكل هو وأهله منهما " وقال الأعمش عن ابن عباس في قوله: { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } قال: قياماً على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى يقول: باسم الله والله أكبر لا إلٰه إلا الله، اللهم منك ولك، وقال ليث عن مجاهد: إذا عقلت رجلها اليسرى قامت على ثلاث، وفي " الصحيحين " عن ابن عمر أنه أتى على رجل قد أناخ بدنة وهو ينحرها فقال: ابعثها قياماً مقيدة سنَّة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: كانوا ينحرون البدن معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها.

السابقالتالي
2 3