الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

{ إنَّ عِدَّة الشُّهورِ عنْدَ الله } متعلق بنسبة الخبر إلى اسم إن وهى عامل معنوى، أو متعلق بمحذوف نعت لعدة على ما ذكر بعض المتأخرين فى مثله، أى إن عدة الشهور الثابتة عند الله، وعلقه القاضى بعدة وهو مصدر { اثْنا عَشَر } وقرأ أبو جعفر بن القعقاع بإسكان العين قبل الشين تخفيفا، لتوالى الحركات { شَهْراً } لا أكثر، وكانت بالنسىء ثلاثة عشر أو أربعة عشر. والاثنا عشر المحرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وهى شهور السنة القمرية، مبنية على سير القمر فى المنازل، وهى شهور العرب التى يعتد بها المسلمون فى الصوم والحج والأعياد، وأيامها ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوما، كذا قيل، وإنما هذا فى عام الكبس، وهو يكون فى كل ثلاثة أعوام وهو القياس، ويقع فى عامين أيضا، وذلك أن العام ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وسدس يوم وخمسه، ففى العام الثالث يكمل يوم وزيادة يسيرة، فيجعل فى آخره، واصطلاحهم أن يكون ذلك فى العام الثانى ينقصان، وذلك أنه إذا اجتمع من الكسور أكثر من نصف يوم عدوه يوما كاملا. وقيل العام ثلاثمائة يوم وأربعة وخمسون يوما وربع يوم، إذا جعلنا شهرا ثلاثين وشهرا تسعة وعشرين، استوفت الشهور أيام السنة، وإذا اجتمع من الكسور يوم زيد فى آخر ذى الحجة. والسنة العجمية، تزيد على العام العربى بأحد عشر يوما، وقيل بعشرة، وسبب هذه الزيادة كان الصوم والحج تارة فى الصيف، وتارة فى الشتاء، وتارة فى الربيع، وتارة فى الخريف، وسميت الثلاثون يوما، والتسعة والعشرون يوما شهرا أخذا من الشهرة، ولأن الناس ينظرون إلى الهلال فى أولها ويشهرونه. وأول شهور العام المحرم بضم الميم وفتح الراء مشددة، سمى لتحريم القتال فيه، وقيل لتحريم الجنة فيه على إبليس، وقرن بأل المعرفة إشارة إلى أنه هو أول العام، والصحيح أنها للمح الوصف، فإن محرما اسم مفعول فى الأصل لا للتعريف، وخص بهذا الاسم دون سائر الأشهر الحرام، لأن التحريم فيه أشد، لأنه أفضل منها. وثانيها صفر بفتح الصاد والفاء، سمى لخلو مكة فيه من أهلها لخروجهم للحرب، وقيل لأنه وافق وقت خروجهم منها وتركهم لها. وثالثها ورابعها الربيعان، وسميا لارتباع الناس فيهما أى لإقامتهم فيهما بلا غزو، وقيل لأن إرادة وضع الاسم لهما وافقت ارتباعهم، لكن الصحيح أن الأسماء توقيف، الله علمها آدم. وخامسها وسادسها جمادى الأولى والآخرة بضم الجيم، وبألف التأنيث المقصورة لجمود الماء فيهما بالموافقة لحين الوضع. وسابعها رجب، سمى لتعظيمهم له، وقيل لموافقته حين الوضع تثاقل الشجر بحملها حتى احتاجت إلى الترجيب، وهو جعل ما تعتمد عليه لها، ويسمى الأصم لعدم قعقعة السلاح فيه والأصب لكثرة صب الله سبحانه فيه الرحمة والخيرات، قيل ولعدم تعذيب أمة فيه، ورد بإغراق قوم نوح فيه.

السابقالتالي
2 3 4