الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

قوله تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } جعل الله ايام الفراق معدودة وجعل ايام الوصال بلا حساب ولا انقطاع وجعلها على التأبيد قال الله تعالىلاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } وجعل لايام العبادة منقطعا وجزاؤها بمشاهدته لهم لم يجعل له منقطعا قال الله تعالىإِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وحث بهذه الاية المشتاقين الى الفرح بوصاله وزيادة شوقهم الى كشف جماله حيث جعل ايام التفرقة القليل وحسن وصالهم الخليل
دنا وصال الحبيب اقتربا   واطرباً للوصال واطربا
كان فى الكتاب الازلى لا يلم العبودية حصر لانها زمان الامتحان وهى من اوصاف الحدثان فاذا خرجت من اماكن الكونين لا يبقى الا انوار جمال الرحمن المنزهة عن تغاير الملوان وعن الانقلاب والذوبان وحدود المكان ومضى الزمان لا يكون هناك الا كشف جمال الازل لجلال الابد وكشف جلال الابد لجمال الازل ليس عنده مساء غروب الفناء ولا صباح علل البداء وقت العارف فى كشف جمال وجهه ليس وقت الازمنة بل تسرمد استغراقه فى بحار القدمية وطيرانه باجنحة البقاء فى هواء الابدية ولا يجرى عليهم طوارق الزمان ولا علة الحدثان ما اطيب ايام الوصال للمشاهدين كشف الجمال
طوبى لأعين قوم أنت بينهمُ   فهنّ من نعمة من وجهك الحسَنِ
والاشارة فى قوله { يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَات وَٱلأَرْضَ } كشف اوقات السرمدية بنعت تجلى الازلية لوقت مرور القضاء والقدر اليوم عبارة من طلوع الشمس وغروبها وليس فى جلال القدم مشرق الحدث ومغربه المشارق هناك ازال وازال الازال والمغارب اباد واباد الاباد الدهر الدهار والفلك الدوار فانيان فى قدم الرحمن اوجد من العدم وقتا بقدر يوم فخلق الخلق فى ذلك اليوم وقوله { مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } وجعل بكرمه ورحمته منها شهور القربات وزيادة للمدانات ومناسك للعبادات وشرفها بكشف المشاهدات ومنعهم فيها عن التمتع والتنعم وامرهم فيها بالتعفف من طمع فيها الخارجين من السنة لتأهبهم اهبة الاوية والابرار الى جوار الرحمة وما سواهما من الايام والشهور روحية لاهل الانس ومطايبة لاهل البسط ثم او كذلك تلك الحرمات على اهل القربات وقال { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } الى الطريق المستقيم الى الله وشهادة وصال الله وكشف مشاهدة الله وحذرهم فيها عن مخالفة الله بقوله { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } بمنعها عن المجاهدات وطلب المشاهدات واعطائكم حظها من الشهوات قال بعضهم ظلم نفسه من اطلق عناقها فى طرق الامانى من اتباع الشهوات وارتكاب السيئات والتخطى الى المحارم.