الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } ناداهم تحذيرا عن فعل الرهبان والأَحبار من أَكل المال بالباطل، وتعجيبا من صدهم عن سبيل الله وعدم اتباعهم لكتبهم، فإياكم ومخالفة كتابكم القرآن، عاب أَتباعهم باتخاذهم أربابا، وفيه عيب قبولهم اتخاذ الأَتباع، وعابهم يأَكل المال باطلاً وبالصد، وعليهم بالحرص على المال فى قوله { إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ } وبالحرص على الجاه فى قوله { وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } يعرضون عن الحق من القرآن وغيره، ليبقوا فى مراتبهم محترمين آكلين لأَموال غيرهم، أَو يمنعون غيرهم عن الحق بإلقاء الشبه والخديعة ليبقوا أتباعا لهم، منتفعين باستخدامهم وأَموالهم، ومعنى أَكل أَموال الناس بالباطل، أَخذها بتحريف آيات التوراة والإِنجيل فى وصفه صلى الله عليه وسلم، وفى بعض الأَحكام وبكتابة من عندهم مع قولهم أَنها من الله جل وعز، وبالرشوة فى الحكم لا خصوص أَكلها فى البطن، إلا أَنه خص بالذكر لأَنه المقصود الأَعظم فى المال، والأَكل سبب للأَخذ والتملك وملزوم لهما، ويجوز العكس، وهو أَن الأَخذ والتملك مسببان للأَكل ولا زمان له، أَو المراد بالأَموال الأَطعمة، أو الأَكل استعارة للأَخذ، شبه مبالغتهم فى الأَخذ بلا تمييز للباطل منه، بالمبالغة فى الأَكل بلا تمييز طعام من طعام لشدة الجوع، لا يقال ببرودة هذه الاستعارة لأنه لا ذكر فى الآية للمبالغة، لأَنا نقول ذكرت بذكر الباطل، وليس معنى كثيراً أَكثر بحسب اللغة، بل يعم النصف وأَكثر وأَقل، ولو كان الواقع فى الصد والأَكل هو أَكثرهم، وقل من لم يفعل ذلك منهم على عهده صلى الله عليه وسلم أَو قبله. { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } من الأَحبار أَو من أَهل الكتاب أَو من المؤمنين أَو من الكل، وهو أَولى، وخص الذهب والفضة بالذكر لأَنهما أَعظم. قيل: ولأَنهما الأَصل الغالب فى الأَموال، وإلا فحكم النحاس المضروب سكة حكمها، وكذا كل مال تلزم فيه الزكاة أَو النفقة ولا تخرج، روى أَبو داود عن ابن عباس أَنه لما نزلت الآية كبرت على المسلمين، فقال عمر: أَنا أُفرج عنكم، فانطلق فقال: يا رسول الله، إنه كبر على أَصحابك هذه الآية، فقال: " إِن الله لم يفرض الزكاة إلا لتطييب ما بقى من أَموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم، فكبر عمر، ثم قال: أَلاَ أُخبرك بخير ما يكنز المرءُ؟ المرأَة الصالحة إِذا نظر إليها سرته، وإِذا أَمرها أطاعته، وإِذا غاب عنها حفظته " ، وروى الترمذى عن ثوبان: لما نزلت { والذين يكنزون } كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أَسفاره، فقال بعض أَصحابه نزلت فى الذهب والفضة، فلو علمنا أَى المال خير اتخذناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3