قوله تعالى: { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } قال ابن عباس: يريد: ما حُصبوا به من الحجارة من السماء. قال أبو عبيدة والنضر: الحاصب: الحجارة في الريح. وقد ذكرنا ذلك في بني إسرائيل عند قوله:{ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } [الإسراء: 68]. قوله تعالى: { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } قال الأخفش: إنما أجراه؛ لأنه نكرة، ومجازه: بسحر من الأسحار، ولو أراد سحراً بعينه لقال: بسحر، غير مجرى، ونظيره قوله تعالى:{ ٱهْبِطُواْ مِصْراً } [البقرة: 61]. { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } مفعول له، أي: نجيناهم للإنعام عليهم، { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } [أنعُمَنا] فَوَحَّد وأطاع. { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ } لوط قبل حلول العذاب بهم { بَطْشَتَنَا } أخْذَنا إياهم بالعقوبة { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } وكذبوا بالإنذار متشاككين فيه. { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } مثل قوله:{ وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } [يوسف: 23]. { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } مسحناها وجعلناها كسائر الوجه، على ما ذكرناه في سورة هود. وهذا قول الحسن وقتادة وجمهور المفسرين. وقال الضحاك: أُخفوا عن أبصارهم حتى لم يروهم مع بقاء أعينهم. { فَذُوقُواْ } على إضمار القول، تقديره: فقلنا لهم على ألسنة الملائكة (ذوقوا عذابي ونذري) ما أنذركم به لوط من العذاب، سمى العذاب باسم الإنذار. { وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً } أول النهار، وأراد بُكْرة: من البُكَر، فلذلك صُرِفَت { عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } دائم إلى أن يُفضي بهم إلى عذاب الآخرة. وما [كرّره] في هذه السورة في آخر كل قصة ففائدته: قرع [الأسماع] بالزواجر والمواعظ، وإيقاظ البصائر من رقدة الغفلة عن هذا النبأ العظيم، [والخَطْب] الجسيم.