الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ } أي: القرآن الذي هو هدى للمتقين { وَدِينِ ٱلْحَقِّ } أي: التوحيد الثابت الذي لا يزول { لِيُظْهِرَهُ } أي: الدين الحق { عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } أي: على سائر الأديان { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } أي: أن يكون ذلك.

وجواب (لو) فيهما محذوف لدلالة ما قبله عليه، وجملة { هُوَ ٱلَّذِيۤ } الخ بيان وتقرير لمضمون الجملة قبلها، لأن المراد من إتمام نوره إظهاره. ولكونه بحسب المآل بمعناه، ذيله بما ذيله به بعينه، لكنه عبر عن الكافرين بالمشركين تفادياً عن صورة التكرار - كذا في العناية.

وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله زوى لي الأرض، مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها ".

وروى الإمام أحمد عن مسعود بن قَبِيصة أو قَبيصة بن مسعود يقول: صلى هذا الحيّ من محارب الصبح، فلما صلَّوا قال شاب منهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها، وإن عمالها في النار، إلا من اتقى الله وأدى الأمانة ".

وأخرج أيضاً عن تميم الداريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين، يعز عزيزاً، ويذل ذليلاً، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر " وكان تميم الداريّ يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعزّ، ولقد أصاب من كان كافراً منهم الذل والصغار والجزية.

وأخرج أيضاً عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام، يعز عزيزاً، ويذل ذليلاً، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها، وإما يذلهم فيدينون لها ".

وأخرج أيضاً عن عديّ بن حاتم قال: " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عديّ، أسلم تسلم ". فقلت: إني من أهل دين. قال: " أنا أعلم بدينك منك ". فقلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: " نعم ألست من الرَّكوسية، وأنت تأكل مرباع قومك؟ " قلت: بلى! قال: " فإن هذا لا يحل لك في دينك " قال: فلم يعد أن قالها، فتواضعتُ لها. قال: " أما إني أعلم ما الذي يمنعك عن الإسلام، تقول: إنما أتبعه ضعفة الناس، ومن لا قوة له، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة؟ " قلت: لم أرها وقد سمعت بها. قال: " فوالذي نفسي بيده! ليتمنّ الله هذا الأمر، حتى تخرج الظعينة من الحيرة، حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولتفتحنّ كنوز كسرى بن هرمز " ، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: " نعم، كسرى بن هرمز، وليبذلنّ المال حتى لا يقبله أحد " ".


السابقالتالي
2