الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ }

قوله: { مِمَّا تَشْرَبُونَ }: أي: منه، فَحَذَفَ العائدَ لاستكمالِ شروطِه وهو: اتِّحادُ الحرفِ والمتعلَّقِ، وعدمُ قيامِه مقامَ مرفوع، وعدمُ ضميرٍ آخرَ. هذا إذا جَعَلْناها بمعنى الذي فإنْ جَعَلْتَها مصدراً لم تَحْتج إلى عائدٍ، ويكونُ المصدرُ واقعاً موقعَ المفعولِ أي: مِنْ مَشْروبكم. وقال في التحرير: " وزعم الفراء أنَّ معنى " ما تَشْربون " على حذفٍ أي: تشربون منه.

وهذا لا يجوز عند البصريين، ولا يَحْتَاج إلى حَذْفٍ البتةَ لأنَّ " ما " إذا كانَتْ مصدريةً لم تحتجْ إلى عائدٍ، فإنْ جعلتَها بمعنى الذي حَذَفْتَ العائدَ، ولم يُحْتَجْ إلى إضمار " مِنْ ". يعني أنَّه يُقَدَّرُ: تَشْربونه من غيرِ حرفِ جرّ، وحينئذٍ تكون شروطُ الحذفِ أيضاً موجودةً، ولكنه تَفُوْتُ المقابلةُ إذ قولُه { تَأْكُلُونَ مِنْهُ } فيه تبعيضٌ، فَلَوْ قَدَّرْتَ هذا: تشربونه مِنْ غير " مِنْ " فاتَتْ المقابلةُ. ثم إنَّ قولَه: " وهو لا يجوز عند البصريين " ممنوع بل هو جائزٌ لوجود شروطِ الحذف.