الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }

وقوله تعالى: { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } بدل منٱلْمُشْرِكِينَ } [الروم:31] بإعادة الجار، وتفريقهم لدينهم اختلافهم فيما يعبدونه على اختلاف أهوائهم، وقيل: اختلافهم في اعتقاداتهم مع اتحاد معبودهم، وفائدة الإبدال التحذير عن الانتماء إلى حزب من أحزاب المشركين ببيان أن الكل على الضلال المبين. وقرأ حمزة. والكسائي { فارقوا } أي تركوا دينهم الذي أمروا به أو الذي اقتضته فطرتهم { وَكَانُواْ شِيَعاً } أي فرقا تشايع كل فرقة أمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ } من الدين المعوج المؤسس على الرأس الزائغ والزعم الباطل { فَرِحُونَ } مسرورون ظناً منهم أنه حق، والجملة قيل اعتراض مقرر لمضمون ما قبله من تفريق دينهم كونهم شيعاً، وقيل: في موضع نصب على أنها صفة { شِيَعاً } بتقدير العائد أي كل حزب منهم، وزعم بعضهم كونها حالاً. وجوز أن يكون { فَرِحُونَ } صفة لكل كقول الشماخ:
وكل خليل غير هاضم نفسه   لوصل خليل صارم أو معارز
والخبر هو الظرف المتقدم أعني قوله تعالى: { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } فيكون منقطعاً عما قبله، وضعف بأنه يوصف المضاف إليه في نحوه صرح به الشيخ ابن الحاجب في قوله:
وكل أخ مفارقه أخوه   لعمر أبيك إلا الفرقدان
وفي «البحر» أن وصف المضاف إليه في نحوه هو الأكثر وأنشد قوله:
جادت عليه كل عين ترة   فتركن كل حديقة كالدرهم
وما قيل: إنه إذا وصف به { كُلٌّ } دل على أن الفرح شامل للكل وهو أبلغ ليس بشيء بل العكس أبلغ لو تؤمل أدنى تأمل.