الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

قوله تعالى { مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } فيه اشارة لطيفة من الحق سبحانه أن النية اذا وقعت من قبل النفس الامارة فى شر وباشرته فكأنها باشرت جميع عصيان الله لأنها لو قدرت على جميعها لفعلت لأنها امارة بالسوء ومن السوء خلقت فالجزاء يتعلق بالنية وكذلك اذا وقعت النية من قلب القلب الروحانى فى خير وباشرها فكأنه باشر جميع الخيرات لأنه لو قدر لفعل قال عليه السلام " نية المؤمن ابلغ من علمه " وفيه اشارة أخرى ان الله سبحانه خلق النفوس من قبضة واحدة مجتمعة بعضها من بعض وفرقها مختلفة وتعلقت بعضها ببعض من جهة الاستعداد والخليقة فمن قتل واحداً منها آثر قتلها فى جميع النفوس عالمة به أو جاهلة ومن أحيا نفس مؤمن بذكر الله وتوحيده ووصف جماله وجلاله حتى تحب خالقها وتحيا بمعرفته وجمال مشاهدته فآثر حياتها وبركتها فى جميع النفوس فكأنما أحيا جميع النفوس وفى الآية تهديد الله لأئمة الضلالة ووعد وشرف وثناء حسن لأئمة الهدى.