الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ }

{ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } قيل هو نعت للعزيز الغفور أو بيان أو بدل، واختار شيخ الإسلام أنه نصب أو رفع على المدح متعلق بالموصولين السابقين معنى وإن كان منقطعاً عنهما إعراباً منتظم معهما في سلك الشهادة بتعاليه [إليه] سبحانه وتعالى، ومع الموصول الثاني في كونه مداراً للبلاء كما نطق به قوله تعالى:وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [هود: 7].

وقوله تعالى: { طِبَاقاً } صفة لسبع وكون الوصف للمضاف إليه العدد ليس بلازم بل أكثري، وهو مصدر طابقت النعل بالنعل إذا خصفتها وصف به للمبالغة أو على حذف مضاف أي ذات طباق أو بتأويل اسم المفعول أي مطابقة. وجوز أن يكون مفعولاً مطلقاً مؤكداً لمحذوف أي طوبقت طباقاً. والجملة في موضع الصفة، وأن يكون جمع طبق كجمل وجمال أو جمع طبقة كرحبة بفتح الحاء ورحاب. والكلام بتقدير مضاف لأنه اسم جامد لا يوصف به أي ذات طباق، وقيل يجوز كونه حالاً من { سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } لقربه من المعرفة بشموله الكل وعدم فرد وراء ذلك. وتعقب بأن قصارى ذلك بعد القيل والقال أن يكون نحو شمس مما انحصر في فرد وهو لا تجىء الحال المتأخرة منه فلا يقال طلعت علينا شمس مشرقة. وأياً ما كان فالمراد كما أخرج عبد بن حميد بعضها فوق بعض، ولا دليل في ذلك على تلاصقها كما زعمه متقدمو الفلاسفة ومن وافقهم من الإسلاميين مخالفين لما نطقت به الأحاديث الصحيحة وإن لم يكفر منكر ذلك فيما أرى.

واختلف في موادها فقيل الأولى من موج مكفوف والثانية من درة بيضاء والثالثة من حديد والرابعة من نحاس والخامسة من فضة والسادسة من ذهب والسابعة من زمردة بيضاء وقيل غير ذلك ولا أظنك تجد خبراً يعول عليه فيما قيل ولو طرت إلى السماء وأظنك لو وجدت لأولت مع اعتقاد أن الله عز وجل على كل شيء قدير.

وقوله تعالى: { مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍ } صفة أخرى على ما في «الكشاف» لسبع سمٰوات وضع فيها { خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } موضع الضمير الرابط للتعظيم والإشعار بعلة الحكم بحيث يمكن أن يترتب قياس من الشكل الأول ينتج نفي رؤية تفاوت فيها، وبأنه عز وجل خلقها بقدرته القاهرة رحمة وتفضلاً وبأن في إبداعها نعماً جليلة. وما ذكره ابن هشام في الباب الرابع من «المغني» من أن الجملة الموصوف بها لا يربطها إلا الضمير إما مذكوراً وإما مقدراً ليس بحجة على جار الله، والتوفيق بأن ذلك إذا لم يقصد التعظيم ليس بشيء لأنه لا بد له من نكتة سواء كانت التعظيم أو غيره.

السابقالتالي
2