الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

ففى هذه المحرمات يتلى فى قوله - تعالى - { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ }.. والميتة كما يقول ابن جرير - كل ما له نفس - أى دم ونحوه - سائلة من دواب البر وطيره، مما أباح الله أكلها. أهليها ووحشيها فارقتها روحها بغير تذكية. وقال بعضهم الميتة هو كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية شرعية، مما أحل الله أكله " أى حرم الله عليكم - أيها المؤمنون - أكل الميتة لخبث لحمها، ببقاء بعض المواد الضارة فى جسمها. وقد أجمع العلماء على حرمة أكل الميتة، أما شعرها وعظمها فقال الأحناف بطارتهما وبجواز الانتفاع بهما. وقال الشافعية بنجاستهما وبعدم جواز استعمالهما. وقد استثنى العلماء من الميتة المحرمة السمك والجراد. فقد أخرج البخارى ومسلم وغيرهما من حديث ابن أبى أو فى قال " غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد ". وفيهما - أيضاً - من حديث جابر، " إن البحر ألقى حوتاً ميتاً فأكل منه الجيش. فلما قدموا قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم فقال " كلوا رزقاً أخرجه الله لكم أطعمونا منه إن كان معكم. فأتاه بعضهم بشىء منه ". وعن ابن عمر قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالسمك والجراد. وأما الدمان فالكبد والطحال ". وثانى هذه المحرمات ما ذكره - سبحانه - فى قوله { وَٱلْدَّمُ } أى وحرم عليكم أكل الدم. والمراد به الدم المسفوح. أى السائل من الحيوان عند التذكية. لقوله تعالى - فى آية أخرىأَوْ دَماً مَّسْفُوحاً } وهى خاصة. والآية التى معنا عامة. والخاص مقدم على العام. وكان أهل الجاهلية يجعلونه فى الماعز ويشوونه ويأكلونه، فحرمه الله - تعالى - لأنه يضر الأجسام. أما الدم الذى يكون جامداً بأصل خلقته كالكبد والطحال فإنه حلال كما جاء فى حديث ابن عمر الذى سقناه منذ قليل. وثالث هذه المحرمات ما جاء فى قوله - تعالى - { وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ } أى وحرم عليكم لحم الخنزير وكذلك شحمه وجلده وجميع أجزائه، لأنه مستقذر تعافه الفطرة، وتتضرر به الأجسام. وخص لحم الخنزير بالذكر مع أن جميع أجزائه محرمة لأنه هو المقصود بالأكل قال ابن كثير ما ملخصه وقوله - تعالى - { وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ } يعنى إنسيه ووحشيه، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم. كما هو المفهوم من لغة العرب، ومن العرف المطرد.. وفى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود. ويستصبح بها الناس؟ فقال لا. هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود. إن الله لما حرم شحومها جملوه - أى أذابوه - ثم باعوه فأكلوا ثمنه ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10