الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } أي إنعامه تبارك وتعالى عليكم إن جعلت النعمة مصدراً أو كائنة عليكم إن جعلت اسماً أي راعوها واحفظوها بمعرفة حقها والاعتراف بها وتخصيص العبادة والطاعة بموليها فليس المراد مجرد الذكر باللسان بل هو كناية عما ذكر، وعن ابن عباس وقد جعل الخطاب لمن سمعت اذكروا نعمة الله عليكم حيث أسكنكم حرمه ومنعكم من جميع العالم والناس يتخطفون من حولكم، وعنه أيضاً نعمة الله تعالى العافية، والأولى عدم التخصيص.

ولما كانت نعم الله تعالى مع تشعب فنونها منحصرة في نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء نفى سبحانه أن يكون في الوجود شيء غيره سبحانه يصدر عنه إحدى النعمتين بطريق الاستفهام الذي هو لإنكار التصديق وتكذيب الحكم فقال عز وجل: { هَلْ مِنْ خَـٰلِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ } وهل تأتي لذلك كما في «المطول وحواشيه»، وقول الرضي: إن هل لا تستعمل للإنكار أراد به الإنكار على مدعي الوقوع كما في قوله تعالى:أَفَأَصْفَـٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } [الإسراء: 40] ويلزمه النفي والإنكار على من أوقع الشيء كما في قولك أتضرب زيداً وهو أخوك أي هل خالق مغاير له تعالى موجود لكم أو للعالم على أن { خَـٰلِقٌ } مبتدأ محذوف الخبر زيدت عليه { مِنْ } لتأكيد العموم و { غَيْرُ ٱللَّهِ } صفة له باعتبار محله، وصحت الوصفية به مع إضافته إلى أعرف المعارف لتوغله في التنكير فلا يكتسب تعريفاً في / مثل هذا التركيب، وجوز أن يكون بدلاً من { خَـٰلِقٌ } بذلك الاعتبار ويعتبر الإنكار في حكم النفي ليكون غير الله هو الخالق المنفي ولأن المعنى على الاستثناء أي لا خالق إلا الله تعالى والبدلية في الاستثناء بغير إنما تكون في الكلام المنفي وبهذا الاعتبار زيدت { مِنْ } عند الجمهور وصح الابتداء بالنكرة، وكذا جوز أن يكون فاعلاً بخالق لاعتماده على أداة الاستفهام نحو أقائم زيد في أحد وجهيه وهو حينئذ ساد مسد الخبر.

وتعقبه أبو حيان بقوله ((فيه نظر وهو أن اسم الفاعل أو ما يجري مجراه إذا اعتمد على أداة الاستفهام وأجري مجرى الفعل فرفع ما بعده هل يجوز أن تدخل عليه (من) التي للاستغراق فيقال هل من قائم الزيدون كما تقول هل قائم الزيدون، والظاهر أنه لا يجوز ألا ترى أنه إذا أجري مجرى الفعل لا يكون فيه عموم بخلافه إذا دخلت عليه (من) ولا أحفظ مثله في لسان العرب، وينبغي أن لا يقدم على إجازة مثل هذا إلا بسماع من كلامهم)) وفيه أن شرط الزيادة والإعمال موجود ولم يبد مانعاً يعول عليه فالتوقف تعنت من غير توقف وفي «الكشف» لا مانع من أن يكون { غَيْرِ } خبراً.

السابقالتالي
2 3