الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

{ فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } أي فنزهه تعالى بكل ذكر يدل على التنزيه حامداً له جل وعلا زيادة في عبادته والثناء عليه سبحانه لزيادة إنعامه سبحانه عليك فالتسبيح التنزيه لا التلفظ بكلمة سبحان الله، والباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال والحمد مضاف إلى المفعول والمعنى على الجمع بين تسبيحه تعالى وهو تنزيهه سبحانه عما لا يليق به عز وجل من النقائص وتحميده وهو إثبات ما يليق به تعالى من المحامد له لعظم ما أنعم سبحانه به عليه عليه الصلاة والسلام، وقيل أي نزهه تعالى عن العجز في تأخير ظهور الفتح واحمده على التأخير وصفه تعالى بأن توقيت الأمور من عنده ليس إلا لحكمة لا يعرفها إلا هو عز وجل وهو كما ترى، وأيد ذلك بما في «الصحيحين» عن مسروق عن عائشة " قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن " تعني هذا مع قوله تعالى: { وَٱسْتَغْفِرْهُ } أي اطلب منه أن يغفر لك وكذا بما في «مسند الإمام أحمد» و«صحيح مسلم» عن عائشة أيضاً قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده استغفر الله وأتوب إليه وقال إن ربـي كان أخبرني أن سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده واستغفره " الخ وروى ابن جرير من طريق حفص بن عاصم عن الشعبـي عن أم سلمة " قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال سبحان الله وبحمده قال إني أمرت بها وقرأ السورة " وهو غريب وفي «المسند» عن أبـي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال " لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } [الفتح: 1] كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثاً "

وجوز أن تكون الباء للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبحه بما حمد سبحانه به نفسه قال ابن رجب إذ ليس كل تسبيح بمحمود فتسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات وقد كان بشر المريسي يقول سبحان ربـي الأسفل تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً والظاهر الملابسة.

وجوز أن يكون التسبيح مجازاً عن التعجب بعلاقة السببية فإن من رأى أمراً عجيباً قال سبحان الله أي فتعجب لتيسير الله تعالى ما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحد على أهل الحرم واحمده تعالى على صنعه وهذا التعجب تعجب / متأمل شاكر يصح أن يؤمر به وليس الأمر بمعنى الخبر بأن هذه القصة من شأنها أن يتعجب منها كما زعم ابن المنير والتعليل بأن الأمر في صيغة التعجب ليس أمراً بين السقوط نعم هذا الوجه ليس بشيء.

السابقالتالي
2 3 4