الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }

{ واذا كالوهم او وزنهم } الكيل بيمودن به بيمانه تا مقدارمكيل معلوم كردد. والوزن والزنة سنجيدن تا مقدار موزون معلوم شود. اى واذا كالوا للناس او وزنوا لهم المبيع ونحوه بالفارسية وجون مى بيمايند برى ناس ويامى سنجند حقوق ايشانرا. فحذف الجار واوصل الفعل كما قال فى تاج المصادر وزنت فلانادرهما ووزنت لفلان بمعنى والاصل اللام ثم حذفت فوصل الفعل ومنه الآية انتهى فلفظ هم منصوب المحل على المفعولية لا مرفوعه على التأكيد للواو لان واو الجمع اذا اتصل به ضمير المفعول لا يكتب بعده الالف كما فى نصروك ومنه الآية اذ لم يكتب الالف فى المصحف واذا وقع فى الطرف بأن يكون الضمير مرفوعا واقعا للتأكيد فحيئذ يكتب بعده الالف لان المؤكد ليس كالجزء مما قبله بخلاف المفعول واما نحو شاربو الماء فالاكثر على حذف الالف لقلة الاتصال واو الجمع بالاسم هذا فان قلت خط المصحف خارج عن القياس قلت الاصل فى امثاله اثباته فى المصحف فلا يعدل عنه { يخسرون } اى ينقصون حقوقهم مع ان وضع الكيل والوزن انما هو للتسوية والتعديل يقال خسر الميزان واخسره يعنى كم كردومى كاست. ولعل ذكر الكيل والوزن فى صورة الا خسار والاقتصار على الاكتيال فى صورة الاستيفاء بأن لم يقل اذ اكتالوا على الناس او اتزنوا لما أنهم لم يكونوا متمكنين من الاحتيال عند الاتزان تمكنهم منه عند الكيل والوزن كما قال فى الكشاف كأن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن الا بمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة لانهم يزعزعون ويحتالون فى الملئ واذا اعطوا كالوا او وزنوا لتمكنهم من البخس فى النوعين جميعا انتهى ويؤيده الاقتصار على التطفيف فى الكيل فى الحديث المذكور سابقا وعدم التعرض للمكيل والموزون فى الصورتين لان مساق الكلام لبيان سوء معاملتهم فى الاخذ والاعطاء لا فى خصوصية المأخوذ والمعطى قال أبو عثمان رحمه الله حقيقة هذه الآية عندى هو من يحسن العبادة على رؤية الناس ويسيئ اذا خلا وفى التأويلات النجمية يشير على المقصرين فى الطاعة والعبادة الطالبين كمال الرأفة والرحمة الذين يستوفون من الله مكيال ارزاقهم بالتمام ويكيلونه مكيال الطاعة والعبادة بالنقص والخسران ذلك هو الخسران المبين وقال القاشانى يشير الى التطفيف فى الميزان الحقيقى الذى هو العدل والموزونات به هى الاخلاق والاعمال والمطففون هم الذي اذا اعتبروا كمالات انفسهم متفضلين على الناس يستوفون اى يكثرونها ويزيدون على حقوقهم فى اظهار الفضائل العلمية والعملية اكثر مما لهم عجبا وتكبرا واذا اعتبروا كمالات الناس بالنسبة الى كمالاتهم اخسروا واستحقروها ولم يراعوا العدالة فى الحالين لرعونة انقسم ومحبة التفضل على الناس كقوله يحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا. يقول الفقير فيه اشارة الى حال النفس القاصرة فى التوحيد الحقيقى فانها اذا اعطته الروح تخسره لنقصانها وصورها فيه على انه لا يدخل فى الميزان اذ لا مقابل له فمن ادخله فى الميزان فقد نقص شأنه وشأن نفسه ايضا واما التوحيد الرسمى فهى تستوفيه من الروح لانه حقها ولا نصيب سواه.