الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ }

{ ان جاءه الاعمى } الضمير لمحمد عليه السلام وهو علة لتولى على رأى المبصريين لقربه منه اى تولى لأن جاءه الأعمى والعمى افتقاد البصر ويقال فى افتقاد البصيرة ايضا ولام الأعمى للعهد فيراد أعمى معروف وهو ابن ام مكتوم المؤذن الثانى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأذان ولذلك قال عليه السلام " ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وكان من المهاجرين الاولين استخلفه عليه السلام على المدينة مرتين حين خرج غازيا وقيل ثلاث مرات مات بالمدينة وقيل شهيدا بالقادسية وهى قرية فوق الكوفة قال أنس رضى الله عنه رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سودآء ويقال ليوم فتح عمر رضى الله عنه يوم القادسية فانه ظفر على العجم هناك وأخذ منهم غنائم كثيرة واختلفوا فى اسم ابن ام مكتوم فقيل هو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهرى من بنى عامر ابن لؤى وقيل هو عمرو بن قيس بن زآئدة بن الأصم من بنى عامر بن هلال وهوابن خال خديجة رضى الله عنها وام مكتوم اسم ام أبيه كما فى الكشاف وقال السعدى هو وهم فقد نص ابن عبد البر وغيره انها أمه واسمها عاتكة بنت عامر بن مخزوم روى ان ابن ام مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك فى مكة وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وامية بن خلف والوليد بن المغيرة يدعوهم الى الاسلام رجاء أن يسلم باسلامهم غيرهم لان عادة الناس انه اذا مال اكابرهم الى أمر مال اليه غيرهم كما قيل الناس على دين ملوكهم فقال له يا رسول الله علمنى مما علمك الله انتفع به وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله عليه السلام بالقوم اذ السمع لا يكفى فى العلم بالتشاغل بل لا بد من الابصار على انه يجوز انهم كانوا يخفضون اصواتهم عند المكالمةاو جاء الاعمى فى منقطع من الكلام فكره رسول الله قطعه لكلامه واشتغاله به عنهم وعبس واعرض عنه فرجع ابن ام مكتوم محزونا خائفا أن يكون عبوسه واعراضه عنه انما هو لشئ انكره الله منه فنزلت. امام زاهد فرموده كه سيد عالم صلى الله عليه وسلم ازعقبت او رفت واورابازكردانيده ورداى مبارك خود بكسترانيد وبران نشانيد. فكان رسول الله يكرمه ويقول اذا رآه مرحبا بمن عاتبنى فيه ربى اى لامنى مع بقاء المحبة ويقول له هل لك من حاجة ويقال ان رسول الله عليه السلام لم يغتم فى عمره كغمه حين انزلت عليه سورة عبس لان فيها عتبا شديدا على مثله لانه الحبيب الرشيد ومع ذلك فلم يجعل ذلك الخطاب بينه وبينه فيكون ايسر للعتاب بل كشف ذلك للمؤمنين ونبه على فعله عباده المتقين ولذلك روى ان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه بلغه ان بعض المنافقين يؤم قومه فلا يقرأ فيهم الا سورة عبس فارسل اليه فضرب عنقه لما استدل بذلك على كفره ووضع مرتبته عنده وعند قومه قال ابن زيد لو جاز له أن يكتم شيأ من الوحى لكان هذا وكذا نحو قوله

السابقالتالي
2