قوله تعالى: { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ } إلى آخرها. قال الأخفش: اللام متعلقة بمعنى سورة ألم تر يا محمد كيف فعل ربك بأصحاب الفيل لتألف قريش. وقيل: التقدير: فعلنا بأصحاب الفيل هذا [منا] على أهل هذا البيت وإحساناً إليهم إلى نعمتنا عليهم في رحلتهم الشتاء والصيف، (فتكون اللام في { لإِيلاَفِ } بمعنى " إلى ". وقيل: التقدير: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف)، وتركهم عبادة رب هذا البيت. وهذا مذهب الفراء. وقال الخليل بن أحمد: المعنى: لأن يؤلف الله قريشاً [إيلافاً] { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } أي: لهذا فليعبدوه فلا تقدير، حذف في هذا القول. وعن ابن عباس أنه قال في تفسير { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } معناه: نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف. وقوله: { إِيلاَفِهِمْ } ، [بدل] من الأول. وقرأ يزيد بن القعقاع / " إلفهم " جعله مصدر " ألفه إلفاً ". وكذلك ذكرت أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ. وعن أبي أنه قرأ: [ " إلافهم " ]، وهما مصدران للثلاثي على فِعْل وفِعال، ومثله علم علماً، ولقيه لقاء، وصمت صياماً، وكتبت كتاباً. وأجاز الفراء " إيلافَهم " بالنصب على المصدر. وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ " لإئلفِ " بهمزتين مكسورة وساكنة، " إئْلفهم " كذلك [أيضاً]، أتى بهما على الأصل، وهو بعيد لا يجوز عند كثير من النحويين، وهي لغة شاذة، وهما مصدران لاَلَفَ يُؤلِفُ. وقد قرأ [ابن عامر] " لإلف " ، جعله مصدر ألِفَ إلافاً، مثل: كتب كتاباً، وصام صياماً. وقوله: { رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } منصوب " بإيلاف ". وأجاز الفراء الخفض في { رِحْلَةَ } على البدل من { إِيلاَفِهِمْ }. [وتقديره]: إيلافِهم إيلافَ رحلةِ. قال مجاهد في معنى { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } [معناه]: " إيلافهم ذلك، فلا تشق عليهم رحلة شتاء ولا صيف ". وقال ابن عباس { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } ، أي: " نعمتي على قريش ". وقيل: معناه أن الله عجب نبيه من ذلك، فالمعنى: اعجَب - يا محمد - لنعم الله على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، ثم يتشاغلون بذلك عن الإيمان بالله واتباعك. ودل على هذا المعنى قوله: { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ }. قال ابن زيد: معناه: صنعت بأصحاب الفيل ما صنعت لإلفة قريش، أي: لئلا أفرقها، وهذا (هو) قول الأخفش المتقدم. وقال ابن عباس: { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } ، أي: " لزومهم ". وعنه أيضاً (أنه قال): [نهاهم] الله عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيْت وكفاهم المؤنة، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف.