الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا إنما المشْرِكُون } أراد عبدة الأصنام، وغالب آيات القرآن يكون المشركون فيه غير أهل الكتاب كقولهولا تنكحوا المشركات } وقولهوالذين أشركوا } وقيل أراد أصناف الكفار مطلقا عبدة الأصنام، واليهود والنصارى والصابئين والمجوس، وقول بعض المتأخرين من أصحابنا المراد فى الآية عبدة الأوثان فقط، وإلا لم يصح لأصحابنا الأختلاف فى أهل الكتاب، لا يشكل لحمل أصحابنا النجاسة فى الآية على نجاسة العين، لأنه المتبادر. { نَجَسٌ } قال أصحابنا جميعا المراد بالمشركين فى الآية عبدة الأوثان، وبنجاستهم نجاسة أعيانهم، لكن لا يتنجس مالقيها إلا إن كانت مبلولة، أو كان مبلولا، وكذا قالوا فى المجوس، وكذلك قال ابن عباس فى عبدة الأوثان إن نجاستهم لأعيانهم من حيث الشرك، بل قال الحسن بن صالح، والحسن البصرى من مس مشركا أو صافحه فليتوضأ، ولو كانا يابسين، وبه قالت الزيدية من الشيعة. وقيل المراد بنجاستهم خبث باطنهم بالشرك وسائر الاعتقادات الفاسدة، وأكثر قومنا على طهارة أبدان المشركين، بل قيل اتفقوا عليها، وقيل المراد ذمهم وتنقيصهم، وقيل إن الخلاف فى المذهب أيضا، ويحتمل أن يكون المراد أنه يجب أن يجتنب عنهم كما يجتنب عن الأنجاس، أو أنهم لا يتطهرون ولا يتجنبون عن النجاسة غالبا، قال القاضى وفيه دليل على أن ما الغالب نجاسة نجس، قال قتادة، ومعمر بن رشد سموا نجسا لأنهم يجنبون ولا يغتسلون، وإن اغتسلوا لم يجزهم، وعن قتادة يجنبون فلا يغتسلون، ويحدثون فلا يتوضئون. وأما أهل الكتاب فقال بعض أصحابنا بطهارة أبدانهم، وبللهم بلا كراهة، وقيل بالطهارة مع الكراهة، وقيل بالنجاسة، وذكروا ذلك على الإطلاق، ولم يقيدوا الخلاف بمن ليس محاربا منهم وهو ظاهر قول القواعد أن المشرك عند أصحابنا نوعان كتابى وسواه، وأن الكتابى فيه اختلاف حيث أدار الكلام على الكتاب، فقسم المشرك إلى كتابى وغيره، ولو كان الكتابى المحارب حكمه غير حكم الكتابى الذى ليس محاربا لقسمه إلى ثلاثة أقسام، وذا أصحابنا المشارقة تذكر الخلاف فى الكتابى مطلقا. واحتج من قال بالطهارة بقوله تعالىوطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم } والطعام عام وقال غير واحد المراد به الذبائح وهو قول ابن محبوب ويتوضأ عمر من جرة نصرانية، ويأكل النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته من اللحم الذى أهدته اليهودية. واحتج من قال بالنجاسة بأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر أن تغسل آنية أهل الكتاب إذا احتج إليها، ولا حجة فى ذلك لاحتمال أنه أمر بغسلها، لأنهم يتناولون الأنجاس والمحرمات فيها، وقيد الشيخ يحيى توفيق الخلاف باكتابى غير المحارب، وأما المحارب فنجس. واختلفوا فى ذبيحة المحارب منهم، والراجح تحريمها عندهم، وذكر بعض المشارقة فى كتابى غسل يده أنه قيل طاهرة ما لم تعرق، وقيل ما لم تنشف، وقال مالك كل حى طاهر ولو كان عابد صنم أو كلبا أو خنزيرا، واختلف فى مشرك أو كتابى أو مجوسى أسلم فقيل يجب عليه الغسل وقيل لا، واختلف فى المرتد إذا رجع إلى الإسلام، وفى التاج إن ارتد فى نفسه فعليه الغسل والوضوء، وقيل الوضوء، ومن تكلم بما يشرك به ولم يرد به ردة، ومن حاله إذا علم بخطئه تاب فلا بأس عليه فى زوجته، ولا غسل قيل عليه، وقيل حرمت عليه فى حينه إن كان ذاكرا لما كان منه، وإن كان منه خطأ ثم نسيه وتاب فى الجملة ولم يدن بذلك ولم يتعمده فقولان انتهى.

السابقالتالي
2 3 4