الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ إنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ } تطهروها بلا قصد رئاء ونحوه مما يبطلها. { فنِعمَّا هِىَ } أى نعم شئ هى، فما نكرة موصوفة، وقوله { وهى } خبر لمحذوف عائد إلى الصدقات على حذف مضاف، أى فنعما أبداها وما فاعل وقوله { هى } مخصوص بالمدح أو ما تمييز، والفاعل مستتر مفسر به وهى مخصوص، أو نعم وفاعلها خبر لقوله هى، وإنما كسرت النون والعين لأنه فى الأصل نعم بوزن علم، نقلت كسرة العين للنون، ولما أدغمت ميه فى ميم ما النفى ساكنان فكسر الأول وهو العين ليجانس النون، ولأن الكسر أصل التخلص من التقائهما، أو هو لغة من يقول نعم الرجل بكسر النون والعين باتباع النون للعين بعده، قال سيبويه هو لغة هذيل، وذلك قراءة ورش عن نافع، وقراءة عاصم، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائى بفتح النون وكسر العين على الأصل، وقرأ أبو عمرو وأبو بكر وقالون عن عاصم وغيره عن نافع بكسر النون وإسكان العين، واختاره أبو عبيدة، وقال إنهُ لغة النبى صلى الله عليه وسلم إذ قال " نعما المال الصالح للرجل الصالح " ، رواه بسكون العين وفيه التقاء الساكنين، والأول غير حرف مد قال المبرد لا يقدر أحد أن ينطق بمثل ذلك وإن رام ذلك فقد حرك الأول ولم يشعر، ووافقه الزجاج والفارسى، وإنما جاز ذلك عند حرف المد، لأن مده يصير عوضا عن حركة. قال الفارسى، لعل أبا عمر وفى الآية والنبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث، حرك العين بحركة خفيفية مختلسة، فظن السامع أنها إسكان، وقد روى عن أبى بكر وأبى عمرو وقالون كسر النون وإخفاء حركة العين، وقد روى عن أبى بكر وأبى عمرو وقالون كسر النون وإخفاء حركة العين، قال الدانى هذا أقيس، وورد النص عنهم بالإسكان، والذى فى النساء مثل ما هنا فى جمع ذلك من القراءة، والمراد بالصدقات صدقات التطوع عند الجمهور بدليل قوله تعالى. { وإنْ تُخْفُوها وتُؤتُوها الفُقَراءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُم } لأن الزكاة إظهارها أولى كسائر الفراض، وإعطاؤها لا يجوز لغير الفقير، ولما قال { خير لكم } ، علمنا أن إعطاءها لغير الفقير جائز، فهى نفل فذلك أن خيرا اسم تفضيل، ولفظ هو عائد إلى الإخفاء، لأنه فى مقابلة إن تبدوا الصدقة، ويجوز عوده إلى المذكور وهو الإخفاء والإيتاء للفقراء، وتؤتى مجزوم بالعطف على الشرط أو منصوب عطفا لمصدره على المعنى، أى وإن يكن منكم إخفاءَها وإيتاءها الفقراء، وأكثر العلماء على أن إخفاء التطوع أفضل، لأنه بعد من الرئاء والسمعة، وفى الحديث " لا يقبل الله من مسمع ولا مراء ولا منان " ، وفى إظهار الصدقة هتك الفقير بإظهار فقره وإذلاله وإخراجه عن هيئة التعفف، وقد يغتابه الناس بأنه فقير يأخذ، أو بأنه أخذ وهو غير محتاج، أو بإلزام الفقير أن يعطى غيره منها إن أعطيها بحضرة غيره، لحديث

السابقالتالي
2 3