الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } وهي كلمة الكفر أو الدعاء إليه أو الكذب أو كل كلمة لا يرضاها الله تعالى. وقرىء { ومثل } بالنصب عطفاً علىكَلِمَةً طَيّبَةً } [إبراهيم: 24] وقرأ أبـي { ضرب الله مثلاً كلمة خبيثة } { كَشَجَرَة خَبِيثَة } ولعل تغيير الأسلوب على قراءة الجماعة للإيذان بأن ذلك غير مقصود بالضرب والبيان وإنما ذلك أمر ظاهر يعرفه كل أحد، وفي الكلام مضاف مقدر أي كمثل شجرة خبيثة، والمثل بمعنى الصفة الغريبة { ٱجْتُثَّتْ } أي اقتلعت من أصلها، وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة وهي شخص الشيء كلها { مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } لكون عروقها قريبة/ من الفوق فكأنها فوق { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي استقرار على الأرض، والمراد بهذه الشجرة المنعوتة الحنظلة. وروي ذلك أيضاً مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الضحاك أنها الكشوث، ويشبه به الرجل الذي لا حسب له ولا نسب كما قال الشاعر:
فهو الكشوث فلا أصل ولا ورق   ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر
وقال الزجاج وفرقه شجرة الثوم، وقيل: شجرة الشوك، وقيل: الطحلب، وقيل: الكمأة وقيل: كل شجر لا يطيب له ثمر، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها شجرة لم تخلق على الأرض والمقصود التشبيه بما اعتبر فيه تلك النعوت، وقال ابن عطية: الظاهر أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة جامعة لتلك الأوصاف وفي رواية عن الحبر أيضاً تفسير هذه الشجرة بالكافر. وروى الإمامية ـ وأنت تعرف حالهم ـ عن أبـي جعفر رضي الله تعالى عنه تفسيرها ببني أمية وتفسير الشجرة الطيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم: وعلي كرم الله تعالى وجهه وفاطمة رضي الله تعالى عنها وما تولد منهما، وفي بعض روايات أهل السنة ما يعكر على تفسير الشجرة الخبيثة ببني أمية. فقد أخرج ابن مردويه عن عدي بن أبـي حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قلب العباد ظهراً وبطناً فكان خير عباده العرب وقلب العرب ظهراً وبطناً فكان خير العرب قريشاً وهي الشجرة المباركة التي قال الله تعالى في كتابه: { مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ } [إبراهيم: 24] " لأن بني أمية من قريش وأخبار الطائفتين في هذا الباب ركيكة وأحوال بني أمية التي يستحقون بها ما يستحقون غير خفية عند الموافق المخالف، والذي عليه الأكثرون في هذه الشجرة الخبيثة أنها الحنظل، وإطلاق الشجرة عليه للمشاكلة وإلا فهو نجم لا شجر، وكذا يقال في إطلاقه على الكشوث ونحوه.

وللإمام الرازي قدس سره كلام في هذين المثلين لا بأس بذكره ملخصاً وهو أنه تعالى ذكر في المثل الأول شجرة موصوفة بأربع صفات ثم شبه الكلمة الطيبة بها.

السابقالتالي
2 3