الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } أي العمل بأن فعلوا المأمور به واجتنبوا المنهي عنه، وفسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحسان بقوله عليه الصلاة والسلام: " أن تعبد الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " { ٱلْحُسْنَىٰ } أي المنزلة الحسنى وهي الجنة { وَزِيَادَةٌ } وهي النظر إلى وجه ربهم الكريم جل جلاله وهو التفسير المأثور عن أبـي بكر وعلي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وحذيفة وابن مسعود وأبـي موسى الأشعري وخلق آخرين، وروي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق شتى، وقد أخرج الطيالسي وأحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم / وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ والدارقطني في «الرؤية» وابن مردويه والبيهقي في «الأسماء والصفات» عن صهيب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } الخ فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة أن لكم عند الله تعالى موعداً يريد أن ينجزكموه فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه سبحانه فوالله ما أعطاهم الله تعالى شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم " فحكاية هذا التفسير بقيل كما فعل البيضاوي عفا الله تعالى عنه مما لا ينبغي، وقول الزمخشري عامله الله تعالى بعدله: إن الحديث مرقوع ـ بالقاف ـ أي مفترى لا يصدر إلا عن رقيع فإنه متفق على صحته وقد أخرجه حفاظ ليس فيهم ما يقال.

نعم جاء في تفسير ذلك غير ما ذكر لكن ليس في هذه الدرجة من الصحة ولا رفع فيه صريحاً، فقد أخرج ابن جرير عن مجاهد قال: الزيادة المغفرة والرضوان، وأخرج عن الحسن أنها تضعيف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وأخرج عن ابن زيد أنها أن لا يحاسبهم على ما أعطاهم في الدنيا، وأخرج عن الحكم بن عتيبة عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب. وتعقبه ابن الجوزي بأنه لا يصح، وقيل: الزيادة أن تمر السحابة بهم فتقول: ما تريدون أن أمطركم فلا يريدون شيئاً إلا أمطرتهم. وجمع بعضهم بين الروايات بأنه لا مانع من أن يمن الله تعالى عليهم بكل ما ذكر ويصدق عليه أنه زيادة على ما من به عليهم من الجنة، وأيد ذلك بما أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن سفيان أنه قال: ليس في تفسيرالقرآن اختلاف إنما هو كلام جامع يراد به هذا وهذا، والذي حمل الزمخشري على عدم الاعتماد على الروايات الناطقة بحمل الزيادة على رؤية الله تعالى زعمه الفاسد كأصحابه أن الله تعالى لا يرى وقد علمت منشأ ذلك الزعم وقد رده أهل السنة بوجوه.

السابقالتالي
2