الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ }

قوله: { ٱلتَّرَاقِيَ }: مفعولُ " بَلَغَتْ " ، والفاعلُ مضمرٌ [يعود] على النفسِ، وإنْ لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ، كقولِ حاتم:
4419ـ أماوِيَّ ما يُغْنِي الثَّراءُ عن الفتى   إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصدرُ
أي: حَشْرَجَتِ النفسُ. وقيل في البيت: إنَّ الدالَّ على النفس ذِكْرُ جُمْلَةِ ما اشتملَ عليها، وهو الغِنى، فكذلك هنا ذِكْرُ الإِنسانِ دالٌّ على النفسِ. والتَّراقِي: جمع تَرْقُوَة، أصلُها تَراقِوُ، قُلِبَتْ واوُها ياءً لانكسار ما قبلها. والتَّرْقُوَة إحدى عِظامِ الصدرِ، كذا قال الشيخ، والمعروفُ غيرُ ذلك. قال الزمخشري: " ولكلِّ إنسانٍ تَرْقُوَتان " فعلى هذا تكونُ مِنْ باب: غليظِ الحواجب وعريضِ المناكب. والتراقِي: موضِعُ الحَشْرَجَةِ. قال:
4420ـ ورُبَّ عظيمةٍ دافَعتُ عنها   وقد بلغَتْ نفوسُهُمُ التراقِيْ
وقال الراغب: " التَّرْقُوَةُ عَظْمٌ وُصِلَ ما بين ثُغْرَةِ النحرِ والعاتِق " انتهى. وقال الزمخشري: " العِظامُ المكتنِفةُ لثُغْرَةِ النَّحْرِ عن يمينٍ وشِمالٍ " ووزنها فَعْلُوة، فالتاءُ أصلٌ والواوُ زائدةٌ، يَدُلُّ عليه إدخالُ أهل اللغةِ إياها في مادة " تَرَق ". وقال أبو البقاء: " والتراقي: جمع تَرْقُوَة " وهي فَعْلُوة، وليست تَفْعُلَة، إذ ليس في الكلام " رقو " ، وقُرِىء " التراقي " بسكونِ الياء، وهي كقراءةِ زيدٍ " تُطْعِمون أهالِيْكم " [المائدة: 89] وقد تقدَّم توجيهُها.