الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }

قوله: { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } حدثني محمد بن عمير قال: كان المتوكل قد اعتل علة شديدة فنذر إن عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثيرة أو قال بدراهم كثيرة فعوفي، فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه، قال أحدهم عشرة آلاف وقال بعضهم مائة ألف فلما اختلفوا قال له عبادة ابعث إلي ابن عمك على بن محمد بن على الرضا عليهم السلام فاسأله فبعث إليه فسأله فقال الكثير ثمانون، فقالوا له رد إليه الرسول فقل من أين قلت ذلك؟ فقال من قوله تعالى لرسوله: { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } وكانت المواطن ثمانين موطناً، وقال علي بن إبراهيم في قوله: { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين } فإنه كان سبب غزوة حنين أنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فتح مكة أظهر أنه يريد هوازن وبلغ الخبر هوازن فتهيئوا وجمعوا الجموع والسلاح واجتمعوا رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم وخرجوا وساقوا معهم أموالهم ونساء‌هم وذراريهم ومروا حتى نزلوا بأوطاس وكان دريد بن الصمة الجشمي في القوم وكان رئيس جشم وكان شيخاً كبيراً قد ذهب بصره من الكبر فلمس الأرض بيده فقال في أي واد أنتم؟ قالوا بوادي أوطاس قال نعم مجال خيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس مالي أسمع رغاء البعير ونهيق الحمير وخوار البقر وثغاء الشاة وبكاء الصبي، فقالوا له إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم ونساء‌هم وذراريهم ليقاتل كل امرئ عن نفسه وماله وأهله، فقال دريد: راعي ضأن ورب الكعبة! ماله وللحرب، ثم قال ادعوهم لي مالكاً فلما جاء‌ه قال له يا مالك ما فعلت؟ قال: سقت مع الناس أموالهم ونساء‌هم وأبناء‌هم ليجعل كل رجل أهله وماله وراء ظهره فيكون أشد لحربه، فقال يا مالك إنك أصبحت رئيس قومك وإنك تقاتل رجلاً كبيراً وهذا اليوم لما بعده ولم تضع في تقدمة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً ويحك وهل يلوي المنهزم على شيء؟ أردد بيضة هوازن إلى عليا بلادهم وممتنع محالهم وابق الرجال على متون الخيل فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه ودرعه وفرسه فإن كانت لك لحق بك من وراؤك وإن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك وعيالك، فقال له مالك إنك قد كبرت وذهب علمك وعقلك فلم يقبل من دريد فقال دريد: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يحضر منهم أحد قال غاب الجد والحزم لو كان يوم علا وسعادة ما كانت تغيب كعب ولا كلاب قال: فمن حضرها من هوازن؟ قالوا عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال: ذانك الجذعان لا ينفعان ولا يضران ثم تنفس دريد وقال: حرب عوان ليتني فيها جذع أحب فيها واضع اقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع.

السابقالتالي
2 3