الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

قوله: { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ }: قد تقدَّم مثلُ هذا في سورة النساء، وتكلمتُ عليه بما يَكْفي، فلا معنى لإِعادته.

قوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } قرأ نافع وابن عامر " فإن الله الغنيُّ " بإسقاطِ " هو " وهو ساقطٌ في مصاحف المدينةِ والشام. والباقون بإثباتِه وهو ثابتٌ في مصاحفِهم، فقد وافق كلٌّ مصحَفه. قال أبو علي: " مَنْ أثبت " هو " يَحْسُنْ أَنْ يكونَ فصلاً، ولا يَحْسُنُ أن يكونَ ابتداءً؛ لأنَّ الابتداءَ لا يَسُوغ حَذْفُه " يعني أنه تُرَجَّحُ فصليَّتُه بحذفه في القراءةِ الأخرى، إذ لو كان مبتدأً لضَعُف حَذْفُه، لا سيما إذا صَلَحَ ما بعده أَنْ يكونَ خبراً لِما قبله، ألا تراك لو قلت: " إنَّ زيداً هو القائمُ " لم يَحْسُنْ حَذْفُ " هو " لصلاحيةِ " القائمُ " خبراً لـ " إنَّ ": وهذا كما قالوا في الصلة: إنه يُحْذَفُ العائدُ المرفوعُ بالابتداء بشروطٍ منها: أن لا يكونَ ما بعدَه صالحاً للصلة نحو: " جاء الذي هو في الدار " أو " هو قائم أبوه " لعدمِ الدلالةِ. إلاَّ أنَّ للمنازعِ أن ينازعَ أبا عليٍ ويقول: لا ألتزم تركيب إحدى القراءتين على الأخرى، وكم مِنْ قراءتَيْنِ تغاير معناهما كقراءتَيْ: { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ } [آل عمران: 36] و " وضَعَتْ " ، إلاَّ أنَّ توافُقَ القراءتَيْن في معنىً واحدٍ أَوْلى، هذا ما لا نزاعَ فيه.