الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ }

{ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ } صغار الدر { وَالمَرْجَانُ } كباره كما أخرج ذلك عبد بن حميد وابن جرير عن علي كرم الله تعالى وجهه ومجاهد، وأخرجه عبد عن الربيع وجماعة منهم المذكوران وابن المنذر وابن أبـي حاتم من طرق عن ابن عباس، وأخرج ابن جرير عنه أنه قال: { ٱللُّؤْلُؤِ } ما عظم منه { وَالمَرْجَانُ } اللؤلؤ الصغار. وأخرج هو وعبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة نحوه، وكذا أخرج ابن الأنباري في «الوقف والابتداء» عن مجاهد، وأظن أنه إن اعتبر في اللؤلؤ معنى التلألؤ واللمعان وفي المرجان معنى المرج والاختلاط فالأوفق لذلك ما قيل ثانياً فيهما، وأخرج عبد الرزاق والفريابـي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبري عن ابن مسعود أنه قال: ـ المرجان ـ الخرز الأحمر أعني البسذ وهو المشهور المتعارف، و { ٱللُّؤْلُؤِ } عليه شامل للكبار والصغار.

ثم إن اللؤلؤ بناء غريب قيل: لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة، هو والجؤجؤ الصدر وقرية بالبحرين، والدؤدؤ آخر الشهر أو ليلة خمس وست وسبع وعشرين أو ثمان وتسع وعشرين أو ثلاث ليال من آخره، والبؤبؤ بالباء الموحدة الأصل والسيد الظريف ورأس المكحلة وإنسان العين ووسط الشيء، واليؤيؤ بالياء آخر الحروف طائر كالباشق، ورأيت في كتب اللغة على هذا البناء غيرها وهو الضؤضؤ الأَخْيَل للطائر، والنؤنؤ بالنون المكثر تقليب الحدقة والعاجز الجبان، ومن ذلك شؤشؤ دعاء الحمار إلى الماء وزجر الغنم والحمار للمضي، أو هو دعاء للغنم لتأكل أو تشرب.

وأما المرجان فقد ذكره صاحب «القاموس» في مادة ـ مرج ـ ولم يذكر ما يفهم منه أنه معرب، وقال أبو حيان في «البحر»: هو اسم أعجمي معرب. وقال ابن دريد: لم أسمع فيه بفعل متصرف.

وقرأ طلحة ـ اللؤلئ ـ بكسر اللام الأخيرة. وقرء (اللؤلى) بقلب الهمزة المتطرفة ياءاً ساكنة بعد كسر ما قبلها وكل من ذلك لغة. وقرأ نافع وأبو عمرو { يُخرج } مبنياً للمفعول من الإخراج، وقرىء { يخرج } مبنياً للفاعل منه ونصب { الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } أي يخرج الله تعالى.

واستشكلت الآية على تفسير البحرين بالعذب والملح دون بحري فارس والروم بأن المشاهد خروج اللؤلؤ والمرجان من أحدهما وهو الملح، فكيف قال سبحانه: { مِنْهُمَا }؟ وأجيب بأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميعه ولكن من بعضه، وكما تقول خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله بل من دار واحدة من دوره، وقد ينسب إلى الإثنين ما هو لأحدهما كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم.

السابقالتالي
2