الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

قوله: { وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ }: على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها كقولِه:إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَاوَاتِ } [الرحمن: 33] أي: على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها. وقال ابن زيد والفراء: " معناه ولا مَنْ في السماءِ أي: يُعْجِزُ إنْ عَصَى " يعني: أنَّ مَنْ في السماواتِ عطفٌ على " أنتم " بتقدير: إنْ يَعْصِ. قال الفراء: " وهذا من غوامضِ العربيةِ ". قلت: وهذا على أصلِه حيث يُجَوِّز حَذْفَ الموصولِ الاسميِّ وتَبْقى صلتُه. وأنشد:
3637 ـ أمَن يهْجُو رسولَ الله منكُمْ   ويَنْصُرُه ويَمْدَحُه سَواءُ
وأبعدُ مِنْ ذلك مَنْ قدَّر موصولين محذوفين أي: وما أنتم بمعجِزِين مَنْ في الأرض مِن الإِنسِ والجنِّ ولا مَنْ في السماء من الملائكة، فكيف تُعْجِزُون خالقِها؟ وعلى قولِ الجمهورِ يكونُ المفعولُ محذوفاً أي: وما أنتم بمعجِزين أي: فائِتينَ ما يريدُ اللَّهُ بكم.

وقوله: " ثم يُعيدُه " { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ } مُسْتأنفان، من إخبارِ الله تعالى، فليس الأولُ داخلاً في حَيِّزِ الرؤيةِ، ولا في الثاني في حَيِّزِ النظَر.