الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً }

أي كبيراً عظيماً. يقال: كَبير وكُبَار وكُبَّار، مثل عجيب وعُجَاب وعُجَّاب بمعنًى، ومثله طويل وطُوَال وطُوَّال. يقال: رجل حسن وحُسَّان، وجميل وجُمَّال، وقُرّاء للقارىء، ووَضّاء للوضيء. وأنشد ٱبن السِّكيت:
بَيْضاء تَصْطادُ القلوب وتَسْتَبِي   بالحسن قَلْبَ المُسْلِم القُرّاء
وقال آخر:
والمَرءُ يُلحِقُه بِفِتْيانِ النَّدَى   خُلُقُ الكريم وليس بالوُضَّاءِ
وقال المبرد: «كُبَّارًا» بالتشديد للمبالغة وقرأ ٱبن مُحَيْصِن وحُميد ومجاهد «كُبَاراً» بالتخفيف. واختلف في مكرهم ما هو؟ فقيل: تحريشهم سفلتهم على قتل نوح. وقيل: هو تعزيرهم الناس بما أوتوا من الدنيا والولد، حتى قالت الضَّعَفة: لولا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم. وقال الكلبيّ: هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد. وقيل: مكرهم كفرهم. وقال مقاتل: هو قول كبرائهم لأتباعهم: { لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً }.