الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ }

ثم في قوله { ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا } للاستبعاد. والمعنى أنّ الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل، كما تقول لصاحبك وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها استبعاداً لتركه الانتهاز. ومنه ثم في بيت الحماسة
لاَ يَكْشِفُ الغُمَّاءَ إلاَّ ابْنُ حُرَّةٍ يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا   
استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدّتها. فإن قلت هلا قيل إنا منه منتقمون؟ قلت لما جعله أظلم كل ظالم ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم، فقد دلّ على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الفائدة.