قوله: { أَن جَآءَهُ }: فيه وجهان، أحدُهما: أنه مفعولٌ من أجلِه، وناصبُه: إمَّا " تَوَلَّى " وهو قولُ البَصْريين، وإمَّا " عَبَسَ " وهو قولُ الكوفيين. والمختارُ مذهبُ البَصْريين لعَدَمِ الإِضمارِ في الثاني، وقد عَرَفْتَ تحقيقَ هذا فيما تقدَّم مِنْ مسائلِ التنازع. والتقدير: لأَنْ جاءَه الأعمى فَعَلَ هذَيْنِ الفِعلَيْنِ. والخلافُ في موضع " أَنْ " بعد حَذْفِ الجارِّ مشهورٌ. وقيل: " أَنْ " بمعنى " إذ " نقله مكي.
وقرأ زيدُ بنُ عليّ " عَبَّس " بالتشديد. والعامَّةُ على " أنْ " بهمزةٍ واحدةٍ. وزيد بن علي وعيسى وأبو عمران الجوني بهمزتَيْن. وقال الزمخشري: " وقُرِىء آأنْ بهمزتين وبألفٍ بينهما، وُقِفَ على " عَبَس وتولَّى " ثم ابْتُدِىء على معنى: ألأَنْ جاءَه الأعمى فَعَل ذلك ".