الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْعَصْرِ } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }

قوله تعالى: { وَٱلْعَصْرِ }. قرأ العامة: بسكون الصاد، وسلام: " والعَصِر " بكسرها، و " الصَّبْرِ " بكسر الباء.

قال ابن عطية: " وهذا لا يجوز، إلا في الوقف على نقل الحركة ".

وروي عن أبي عمرو: " بالصبْر " بسكون الباء إشماماً، وهذا أيضاً لا يجوز إلا في الوقف انتهى.

ونقل هذه القراءة جماعة كالهذلي، وأبي الفضل الرازي، وابن خالويه.

قال الهذلي: " والعصر، والصبر، والفجر، والوتر، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها: هارون، وابن موسى عن أبي عمرو، والباقون: بالإسكان، كالجماعة " انتهى.

فهذا إطلاق منه لهذه القراءة في حالتي الوقف والوصل.

قال ابن خالويه: " وتواصوا بالصبر " بنقل الحركة عن أبي عمرو.

قال ابن خالويه [وقال صاحب " اللوامح ": وعيسى البصرة:] " بالصبر " بنقل حركة الراء إلى الباء، لئلا يحتاج، أن يأتي ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن، فيجمع بين ساكنين، وذلك لغة شائعة، وليست بشاذة بل مستفيضة، وذلك دلالة على الإعراب، وانفصال عن التقاء الساكنين، وتأدية حق الموقوف عليه من السكون انتهى، فهذا يؤذن بما ذكر ابن عطية، أنه كان ينبغي ذلك.

وأنشدوا على ذلك: [الرجز]
5296- واعْـتـقَـالاً بـالـرِّجِـلْ   
يريد: بالرِّجْلِ.

وقال آخر: [الرجز]
5297- أنَا جَريرٌ كُنيَتِي أبُو عَمِرْ   أضْرِبُ بالسَّيْفِ وسعْدٌ بالقَصِرْ
والنقل جائز في الضم كقوله شعر:
إذ جـد النَّـقُـرْ   
وله شروط: " والعقد " الليلة واليوم قال: [الطويل]
5298- ولَنْ يَلْبثِ العقْدانِ: يَومٌ ولَيْلةٌ   إذَا طَلَبَا أنْ يُدْرِكَا تَيَمَّمَا
قال ابن عباس وغيره: " والعصر " أي: الدهر، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
5299- سَيْلُ الهَوَى وعْرٌ وبَحْرُ الهَوَى غَمْرٌ   ويَوْمُ الهَوَى شَهْرٌ وشَهْرُ الهَوَى دَهْرُ
أقسم الله - تعالى - بالعصرِ لما فيه من الاعتبار للناظر بتصرف الأحوال وبتبدلها وما فيها من الأدلة على الصانع، والعصران أيضاً الغداة والعشي قال: [الطويل]
5300- وأمْطُلُهُ العَصْرَيْن حتَّى يَملَّنِي   ويَرْضَى بنِصْفِ الدِّيْن والأنْفُ رَاغِمُ
يقول: إذا جاءني أول النهار وعدته آخره.

وقيل: إنه العشي، وهو ما بين الزوال والغروب. قاله الحسن وقتادة.

[وقال الشاعر]:
5301- تَروَّحْ بِنَا يا عَمْرُو قَدْ قَصُرَ العَصرُ   وفي الرَّوحةِ الأولَى الغَنِيمةُ والأَجْرُ
وعن قتادة: هو آخر ساعة من النهار، فأقسم سبحانه بأحد طرفي النهار كما أقسم بالضحى، وهو أحد طرفي النَّهارِ، قاله أبو مسلم.

وقيل: هو قسم بصلاة العصر، وهي الوسطى؛ لأنها أفضل الصلوات، قاله مقاتل.

قال صلى الله عليه وسلم: " الصَّلاةُ الوُسْطَى، صلاةُ العَصْرِ ".

وقيل: أقسم بعصر النبي صلى الله عليه وسلم لفضله بتجديد النبوة فيه.

وقيل: معناه وربِّ العصر.

فصل

قال مالك - رضي الله عنه - من حلف ألاَّ يكلم رجلاً عصراً، لم يكلمه سنة.

السابقالتالي
2 3