الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }

{ وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } على انهم ليلاقون ذلك عن قريب عند الموت وقيام الساعة حين عبر بلفظ الماضي في قوله و { جَآءَتْ } وقوله و نفخ و { سَكْرَةُ الْمَوْتِ } شدته الذاهبة بالعقل والباء للتعددية أي وأحضرت سكرة الموت حقيقة الامر الذي أنطق الله به كتبه وبعث به رسله أو حقيقة الامر من سعادة الميت وشقاوته وقيل الحق الذي خلق له الانسان من أن كل نفس ذائقة الموت أو الباء للملابسة أي ملتبسة بحقيقة الامر أو بالحكمة أو الغرض الصحيح. وقرأ أبو بكر وابن مسعود رضي الله عنهما سكرة الحق بالموت قيل للدلالة على انها السكرة التى كتبت على الانسان وانها حكمة والباء للتعددية أي أحضرت سكرة الحق الموت لانها سبب الموت أو لان الموت يعقبها فكأنها جاءت به أو الباء بمعنى مع أي جاءت ومعها الموت وقيل الحق في هذه القراءة الله أضيفت السكرة الى الله تعظيماً لشأنه ويجوز هذا في القراءة الاولى على حذف مضاف أي بأمر الحق وقرئ سكرات الموت. قال العراقي في الفيئة وسكرة الموت اختلاط العقل وقيل جاءت الى آخره معطوف على يتلقى المتلقيان أي واذ تجئ سكرة الموت قال الحسن يقال للكافر عند موته* { ذَلِكَ مَا كُنتَ } أي الموت* { مِنْهُ تَحِيدُ } تميل وتفر ولم يكن شيء أبغض الى الكافر من الموت وسأل بعضهم زيد بن أسلم فقال الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فحكاه لابن كيسان فقال والله ماله سن عالية ولا لسان فصيح ولا معرفة بكلام العرب هو للكافر ثم حكاهما للحسين بن عبدالله بن عبيد الله بن عباس فقال أخالفها جميعاً هو البر والفاجر فالخطاب للانسان فيولقد خلقنا الإنسان } على طريق الالتفات أو الاشارة للحق والخطاب للفاجر وشأن الانسان انه يقول أعيش كذا وكذا وينفر عن الموت ويسوف قال عبدالحق في العاقبة لما نزل الموت بمالك بن أنس قال لمن حضره ليعاين الناس من عفو الله وسعة رحمته ما لم يخطر على قلب بشر كشف له عن سعة رحمته ما أوجب ان قال هذا. ومالك هذا في البراءة عند أصحابنا وهو امام المالكية قال أبو سليمان الداراني دخلنا على عابد نزوره وقد حضره الموت وهو يبكي فقلنا ما يبكيك رحمك الله قال
وحق لمثلى بالبكاء عند موته ومالي لا أبكي وأجلي قد اقترب ولى عمل في اللوح أحصاه خالقي فان لم يجد بالعفو وصرت الى العطب