الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

{ انما التوبة على الله } اى ان قبول التوبة كالمحتوم على الله بمقتضى وعده من تاب عليه اذا قبل توبته { للذين يعملون السوء } اى المعصية صغيرة كانت او كبيرة. فقوله انما التوبة على الله مبتدأ وخبره ما بعده { بجهالة } اى يعملون ملتبسين بها اى جاهلين سفهاء فان ارتكاب الذنب مما يدعو اليه الجهل ولذلك قيل من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع من جهالته. وفى التيسير ليست هذه جهالة عدم العلم لانه ذنب لان ذلك عذر لكنها التغافل والتجاهل وترك التفكر فى العاقبة كفعل من يجهله ولا يعلمه { ثم يتوبون من قريب } اى من زمان قريب وهو ما قبل حضور الموت اى قبل ان يغرغروا وسماه قريبا لان امد الحياة الدنيا قريب قال تعالىقل متاع الدنيا قليل } النساء 77. فعمر الدنيا قليل قريب الانقضاء فما ظنك بعمر فرد ومن تبعيضية اى يتوبون بعض زمان قريب كأنه سمى ما بين وجود المعصية وبين حضور الموت زمانا قريبا ففى أى جزء تاب من اجزاء هذا الزمان فهو تائب { فاولئك يتوب الله عليهم } اى يقبل توبتهم { وكان الله عليما } بخلقه يعلم اخلاصهم فى التوبة { حكيما } فى صنعه والحكيم لا يعاقب التائب. فعلى المؤمن ان يتدارك الزلة بالتوبة والاستغفار ويسارع فى الرجوع الى الملك الغفار " ـ روى ـ ان جبريل عليه السلام اتاه عند موته فقال يا محمد الرب يقرئك السلام ويقول من تاب قبل موته بجمعة قبلت توبته قال صلى الله عليه وسلم " الجمعة كثيرة " فذهب ثم رجع وقال قال الله تعالى من تاب قبل موته بساعة قبلت توبته فقال " الساعة كثيرة " فذهب ثم رجع وقال ان الله يقرئك السلام ويقول ان كان هذا كثيرا فلو بلغ روحه الحلق ولم يمكنه الاعتذار بلسانه واستحيى منى وندم بقلبه غفرت له ولا ابالى ". قال صلى الله عليه وسلم " ان الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر ". اى لم يبلغ روحه الحلقوم وعند ذلك يعاين ما يصير اليه من رحمة او هوان ولا ينفع حينئذ توبة ولا ايمان قال تعالىفلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } غافر 85. فالتوبة مبسوطة للعبد يعاين قابض الارواح وذلك عند غرغرته بالروح وانما يغرغر به اذا قطع الوتين فشخص من الصدر الى الحلقوم فعندها المعاينة وعندها حضور الموت فيجب على الانسان ان يتوب قبل المعاينة والغرغرة وهو معنى قوله تعالى { ثم يتوبون من قريب } وانما صحت منه التوبة فى هذا الوقت لان الرجاء باق ويصح الندم والعزم على ترك الفعل قال السعدى قدس سره
طريق بدست آر وصلحى بجوى شفيعى برانكيز وعذرى بكوى كه ياك لحظه صورت نبندد آمان جو بيمانه برشد بدور و زمان   

السابقالتالي
2