الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ }؛ أي ترفعُ لأجلِ الصلاة، قال مجاهد: ((هُمُ الَّذِينَ لاَ يَنَامُونَ حَتَّى يُصَّلُّوا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ)). والمضاجِعُ: هي الفُرُشُ التي يضطَجِعون عليها للنومِ، واحدُها مَضْجِعٌ.

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: ((نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا مَعَاشِرَ الأَنْصَار، حَتَّى كُنَّا نُصِلِّي الْمَغْرِبَ فَلاَ نَرْجِعُ حَتَّى نُصِلِّي الْعِشَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)). ورُوي: أنَّ امرأةً جاءت إلى أنسِ بن مالك فقالت: إنِّي أنامُ قبلَ العشاءِ، فقال: ((لاَ تَنَامِي؛ فَإنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ لاَ يَنَامُونَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ)).

وقال الحسنُ: ((المُرَادُ بالآيَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ وَالتَّهَجُّدُ))، وكان يقولُ: ((هُمْ قَوْمٌ أخْفُوا للهِ تَعَالَى عَمَلاً، وَأخْفَى لَهُمْ ثَوَاباً)).

وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: " عَلَيْكُمْ بقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإنَّهُ دَأبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إلَى اللهِ تَعَالَى، وَمُنْهَاةٌ عَنِ الإثْمِ، وَتَكْفِيرٌ للِسَّيِّئَاتِ، وَمَطْردَةُ للدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ " وقال الضحَّاك: ((هُوَ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ)).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً }؛ أي خَوفاً من عذاب الله وطَمعاً في رحمةِ الله. وانتصبَ (خَوْفاً) و(طَمَعاً) لأنه مفعولٌ له. وقولهُ تعالى: { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }؛ أي ومما أعطَيناهم من المالِ يتصدَّقون واجباً وتطوُّعاً.