الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } أي: كافة { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } نعوتٌ للفظ الجلالة، أي الذي أرسلني هو خالق كل شيء وربه ومليكه الذي بيده الملك والإحياء والإماتة. والآية نصٌّ في عموم بعثته للأحمر والأسود، والعربي والعجمي. وفي الحديث: " أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي - ولا أقولهن فخراً - بعثت إلى الناس كافة، الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأُحلَّت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحد قبلي؛ وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الشفاعة، فأَخَّرْتُهَا لأمتي، فهي لمن لا يشرك بالله شيئاً " رواه الإمام أحمد عن ابن عباس مرفوعاً، ورواه أيضاً عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة، وكان مَنْ قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونُصرت على العدوّ بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعباً؛ وأحلت لي الغنائم، آكلُها، وكان من قبلي يُعَظِّمُون أكلها، كانوا يَحْرِقُونها، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطَهُوراً، أينما أدركتني الصلاة تمسَّحْتُ وصليتُ وكان مَنْ قبلي يُعظِّمُون ذلك، إنما كانوا يصلون في بِيَعِهِمْ وكنائسهم؛ والخامسة هي ما هي! قيل لي: سل، فإن كل نبيه قد سأل، فأخرتُ مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم، ومن يشهد أن لا إله إلا الله " قال الحافظ ابن كثير: إسنادهما جيد قويّ. وروى الإمام أحمد بمعناه عن ابن عمر وأبي موسى، وهو ثابت في الصحيحين عن جابر.

وأخرج مسلم عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده! لا يسمع بي رجل من هذه الأمة، يهوديّ ولا نصرانيّ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ".

{ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ } أي: الذي نبئ ما يرشد الخلائق كلهم، مع كونه أميًّا، وفي نعته بذلك زيادة تقرير أمره وتحقيق أنه المكتوب في الكتابين { ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ } أي: ما أنزل عليه وعلى من تقدمه من الرسل من كتبه ووحيه { وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.