الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ }

{ هَوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً } صفة مبالغة في الذل أي سهلة المشي فيها منقادة { فَامْشُوا فِى مَنَاكِبهَا } أي اطرافها وقال الحسن طرقها وكذا مجاهد وقيل جبالها وهذا توكيد للذل وتمثيل للغاية فيه فان منكب البعير يبعد عن ان يطأه الراكب وهو يمشي على منكبيها أي ذليلة غاية الذلة والامر للاباحة اباحة المشي في هذه الارض التي هي ذلول حتى انه يمشي في جبالها. { وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ } التمسوا من نعمه { وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } من القبور للجزاء قال الغزالي جعل الله الارض ذلولا لعباده ليستقروا في مناكبها بل ليتخذوها منزلا فيتزودوا منها متحرزين من مصائدها ومعاطبها ويتحققون لأن العمر ليسير بهم سير السفينة براكبها فالناس سفر واول منازلهم المهد واخرها اللحد والوطن الجنة أو النار والعمر مسافة السفر فسنوه مراحله وشهوره فراسخه وايامه امياله وانفاسه خطواته واطاعته بضاعته والأوقات رؤوس أمواله وشهواته واغراضه قطاع طريقه وربحه الفوز بلقاء الله عز وجل في دار السلام مع الملك الكبير والنعيم المقيم وخسرانه البغض من الله مع الاتكال والاغلال والعذاب الاليم في دركات الجحيم فالغافل عن نفس واحدة من انفاسه حتى ينقضي في غير طاعة تقربه الى الله زلفى متعرض في يوم التغابين لغيبنة وحسرة ما لها منتهى ولهذا الخطر العظيم والخطب الهائل شمر الموفقون عن ساق الجد ودعوا بالكلية ملاذ النفس واغتنموا بقايا العمر بالطاعة بحسب تكرر الاوقات انتهى. قال ابو مدين عمرك نفس واحد فاحرص ان يكون لك لا عليك.