الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } * { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

أخرج الواحدي والثعلبي بسنده عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبدالله بن أبي: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحباً بالصديق سيد بني تيم، وشيخ الإِسلام، وثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أخذ بيد عمر فقال: مرحباً بسيد عدي بن كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أخذ بيد علي وقال: مرحباً بابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم افترقوا فقال عبدالله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت، فاثنوا عليه خيراً.

فرجع المسلمون إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك، فأنزلت هذه الآية.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وإذا لقوا الذين آمنوا } الآية. قال: كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو بعضهم قالوا: إنا على دينكم { وإذا خلوا إلى شياطينهم } وهم إخوانهم { قالوا: إنا معكم } أي على مثل ما أنتم عليه { إنما نحن مستهزئون } قال: ساخرون بأصحاب محمد { الله يستهزئ بهم } قال: يسخر بهم للنقمة منهم { ويمدهم في طغيانهم } قال: في كفرهم { يعمهون } قال يترددون.

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله { وإذا لقوا الذين آمنا قالوا آمنا } وهم منافقو أهل الكتاب، فذكرهم وذكر استهزاءهم، وأنهم { إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم } على دينكم { إنما نحن مستهزئون } بأصحاب محمد. يقول الله { الله يستهزئ بهم } في الآخرة، يفتح لهم باباً في جهنم من الجنة ثم يقال لهم: تعالوا فيقبلون يسبحون في النار، والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم، فضحك المؤمنون منهم فذلك قول الله { الله يستهزئ بهم } في الآخرة، ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب. فذلك قولهفاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } [المطففون: 34].

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } أي صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة { وإذا خلوا إلى شياطينهم } ، من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب { قالوا إنا معكم } أي إنا على مثل ما أنتم عليه { إنما نحن مستهزئون } أي إنما نحن مستهزئون بالقوم، ونلعب بهم.

السابقالتالي
2