الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }

اللغة: الرؤية هي إدراك الشيء بالبصر ونظيره الإبصار ثم تستعمل بمعنى العلم والتقلب والتحول والتصرف نظائر وهو التحرّك في الجهات ويقال ولّيتك القبلة أي صيرّتك تستقبلها بوجهك وليس هذا المعنى في فعلت منه لأنك تقول ولّيت الدار فلا يكون فيه دلالة على أنك واجهتها ففعلت في هذه الكلمة ليس بمنقول من فعلّت الذي هو ولّيت وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة في نحو قولـه:ويولّون الدبر } [القمر: 45] وقولـه:ويولوكم الأدبار } [آل عمران: 111] فهذا منقول من قولـهم داري تلي داره تقول وليت ميامنه وولاني ميامنه مثل فرح وفرحته. والرضا والمحبة نظيران وإنما يظهر الفرق بضديهما فالمحبة ضدها البغض والرضا ضده السخط وهو يرجع إلى الإِرادة فإِذا قيل رضي عنه فكأنه أراد تعظيمه وثوابه وإِذا قيل رضي عمله فكأنه أراد ذلك والسخط إرادة الانتقام وشطر المسجد الحرام أي نحوه وتلقاءه قال الشاعر:
وَقَدْ أَظَلِّكُمُ مِنْ شَطْرِ ثَغْرِكُمُ   هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ يَغْشَاكُمُ قِطَعَا
أي من نحو ثغركم وقال:
إِنَّ العَسِيْرَ بِهَا دَاءٌ يُخَاطِرُهَا   فَشَطْرَهَا نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُوْرُ
أي نحوها قال الزجاج: يقال هؤلاء القوم مشاطرونا أي دورهم تتصل بدورنا كما يقال هؤلاء يناحوننا أي نحن نحوهم وهم نحونا وقال صاحب العين: شطر كل شيء نصفه وشطره نحوه وقصده ومنه المثل: أحلب حلبا لك شطره أي نصفه وشطرت الشيء أي جعلته والحرام المُحرّم كما أن الكتاب بمعنى المكتوب والحساب بمعنى المحسوب والحق وضع الشيء في موضعه إِذا لم يكن فيه وجه من وجه القبح والغفلة هي السهو عن بعض الأشياء خاصة وإِذا كان السهو عاماً فهو فوق الغفلة لأن النائم لا يقال له غفل إلا مجازاً. الإعراب: حيث ما كنتم موضع كنتم جزم بالشرط وتقديره وحيثما تكونوا والفاء وما بعده في موضع الجزاء ولا يجازي بحيث وإذا حتى يكفّ كل واحد منهما بما وذلك لأنهما لا يكونان إلا مضافين إلى ما بعدهما من الجملة قبل المجازاة بهما فالزما في المجازاة ما لتكفّهما عن الإِضافة لأن الإِضافة تمنع الجزاء بهما وذلك لأن الفعل إذا وقع في موضع اسم ارتفع المضاف إليه في موضع اسم مجرور وموضعه جر بالإِضافة فيمتنع جزمه بالجزاء مع وجود شرط الرفع فيه فلما كان كذلك كُفّا بما لتهيئّهما لجزم الشرط بالجزاء وشطر منصوب على الظرف. النزول: قال المفسرون كانت الكعبة أحبّ القبلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لجبريل: " وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها " فقال له جبريل ع إنما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربك فادع ربك وسله ثم ارتفع جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل ربه فأنزل الله تعالى هذه الآية فقال.

السابقالتالي
2 3