الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قال القرطبي رحمه الله: وجمع إسحاق: أساحيق.

وحكى الكوفيون: أساحقة، وأساحق؛ وكذا يعقوب ويعاقيب ويعاقبة ويعاقب.

قال النحاس رحمه الله: فأما إسرائيل فلا نعلم أحداً يجيز حذف الهمزة من أوّله، وإنما يقال: " أساريل ".

وحكى الكوفيون " أسارلة " ، و " أسارل ". والباب في هذا كله أن يجمع مسلَّماً فيقال: " إبراهيمون " ، و " إسحاقون " ، و " يعقوبون " ، والمسلَّم لا عمل فيه.

قال القرطي رحمه الله تعالى وقوله تعالى: " أَمْ تَقُولُونَ ": قرأ حمزة، والكسائي، وحفص، وابن عامر بتاء الخطاب، والباقون بالياء.

فأما قراءة الخطاب، فتحتمل " أم " فيها وجهين:

أحدهما: أن تكون المتّصلة، والتعادل بين هذه الجملة وبين قوله: " أَتُحَاجُّونَنَا " فالاستفهام عن وقوع أحد هذين الأمرين: المُحَاجَّة في الله، أو ادعاء على إبراهيم، ومن ذكر معه اليهودية والنصرانية، وهو استفهام إنكار وتوبيخ كما تقدم، فإنّ كلا الأمرين باطلٌ.

قال ابن الخَطِيبِ: إن كانت متّصلة تقديره: بأي الحُجّتين تتعلّقون في أمرنا؟

أَبِالتَّوْحِيدِ فنحن موحدون، أم باتباع دين الأنبياء فنحن متّبعون؟

والثاني: أن تكون المنقطعة، فتتقدر بـ " بل " والهمزة على ما تقدر في المنقطعة على أصح المذاهب.

والتقدير: بل أتقولون؟

والاستفهام للإنكار والتوبيخ أيضاً فيكون قد انتقل عن قوله: أتحاجوننا وأخذ في الاستفهام عن قضية أخرى، والمعنى على إنكار نسبة اليهودية والنصرانية إلى إبراهيم ومن ذكرمعه، [كأنه قيل: أتقولون: إن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ كانوا قبل نزول التوراة والإنجيل هوداً أو نصارى].

وأما قراءة الغيبة فالظاهر أن " أم " فيها منقطعة على المعنى المتقدم، وحكى الطبري عن بعض النحويين أنها متّصلة؛ لأنك إذا قلت: أتقوم أم يقوم عمرو؛ أيكون هذا أم هذا، أورد ابن عطية هذا الوجه فقال: هذا المثال غير جيّد؛ لأن القائل غير واحد، والمخاطب واحد، والقول في الآية من اثنين، والمخاطب اثنان غيران، وإنما تتّجه معادلة " أم " للألف على الحكم المعنوى، كأن معنى قل: أتحاجوننا: " أيحاجون يا محمد أم تقولون ".

وقال الزمخشري: وفيمن قرأ بالياء لا تكون إلاَّ منقطعة.

قال أبو حيان رحمه الله تعالى: ويمكن الاتصال مع قراءة الياء، ويكون ذلك من الالتفات إذا صار فيه خروج من خطاب إلى غيبة، والضمير لناس مخصوصين.

وقال أبو البقاء: أم تقولون يقرأ بالياء ردًّا على قوله: " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ " ، فجعل هذه الجملة متعلّقة بقوله: " فَسَيَكْفِيكَهُم " ، وحينئذ لا تكون إلا منقطعة لما عرفت أن من شرط المتصلة تقدم همزة استفهام أو تسوية مع أن المعنى ليس على أن الانتقال من قوله: " فسيكفيكهم " إلى قوله: " أم يقولون " حتى يجعله ردّاً عليه، وهو بعيد عنه لفظاً ومعنى.

السابقالتالي
2 3 4