الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

قوله: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ... } الآية.

قوله: { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } وقال الأخفش: " أو " بمعنى الواو، فلذلك قال: " بهما " ولم يقل به.

وقيل: المعني: إن يكن المتخاصمان غنيين أو فقيرين.

وقيل: هو مثل قولهوَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا [ٱلسُّدُسُ] } [النساء: 12].

وقيل: لما كان المعنى فالله أولى بغنى الغني، وفقر الفقير، رد الضمير عليهما.

وقيل: إنما رجع الضمير إليهما لأنه لم يقصد فقيراً بغني، فجاء الرد عليهما: بالتثنية، وبالتوحيد وبالجمع.

ومعنى الآية: " إن الله تعالى تقدم إلى عباده أن يقوموا بالقسط أي: بالعدل، ولو على أنفسهم أو والديهم أو قرابتهم ولا يكونوا كالذين قالوا لطعمة بغير القسط لقرابته منهم.

والقسط: العدل.

وأن لا يميلوا لفقر فقير، ولا لغنى غني، فيجوروا.

{ فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي أحق بهما لأنه خالقهما، ومالكهما دونكم { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ } في الميل مع أحدهما. والشهادة على نفسه هو أن يقر بها عليه.

وقيل: إن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، تخاصم إليه غني وفقير، فكان ميله مع الفقير يروى أنه لا يظلم الغني لفقره.

وقيل: نزلت في الأمر بالشهادة بالحق، وترك الميل مع الغني لغناه، أو مع فقير لفقره.

قال ابن شهاب: كان فيما مضى من السلف الصالح تجوز شهادة الوالد لولده والأخ لأخيه ويتأولون في ذلك قول الله { كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } فلم يكن يتهم أحد في ذلك من السلف الصالح ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم، فتركت شهادة من يتهم، وصار ذلك لا يجوز في الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة.

ومذهب الحسن البصري والنخعي والشعبي، وشريح ومالك والثوري والشافعي وأحمد بن حنبل أنه: لا تجوز شهادة الوالد لولده.

وقد أجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولاً.

وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أجازه، وكذلك روي عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال إسحاق وأبو ثور والمزني.

ومذهب مالك رضي الله عنه جواز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلاً [إلا] في النسب.

وروى ابن وهب عنه: أنها لا تجوز إذا كان في عياله أو في نصيبه مال يرثه.

ولا تجوز عند مالك شهادة الزوج والمرأة أحدهما للآخر، وأجازه الشافعي. ولا تجوز شهادة الرجل المصاحب له بصلة، أو بعطف عليه عند مالك. وكذلك لا تجوز شهادة رجل لرجل، والشاهد [في عيال] المشهود له، قوله { وَإِن تَلْوُواْ } هي مخاطبة للحكام، فالمعنى: وإن تلووا أيها الحكام، في الحكم لأحد الخصمين على الأخر أو تعرضوا، فإن الله لم يزل خبيراً بما تعملون.

السابقالتالي
2