الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَٱرْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً }

{ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } قال السدي: هم عبد الله بن أبـي ابن سلول وأصحابه، وقال مقاتل: هم بنو سلمة، وقال أوس بن رومان: هم أوس بن قيظي وأصحابه بنو حارثة وضمير { مِنْهُمْ } للمنافقين أو للجميع { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ } هو اسم المدينة المنورة، وقال أبو عبيدة اسم بقعة وقعت المدينة في ناحية منها، وقيل: اسم أرضها وهو عليها ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث ولا ينبغي تسمية المدينة بذلك أخرج أحمد وابن أبـي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى هي طابة هي طابة هي طابة» وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام «لا تدعونها يثرب فإنها طيبة يعني المدينة ومن قال يثرب فليستغفر الله تعالى ثلاث مرات هي طيبة هي طيبة هي طيبة»، وفي «الحواشي الخفاجية» أن تسميتها به مكروها كراهة تنزيهية، وذكر في وجه ذلك أن هذا الاسم يشعر بالتثريب وهو اللوم والتعيير. وقال الراغب: التثريب التقريع [والتقهير] بالذنب والثرب شحمة رقيقة، ويثرب يصح أن يكون أصله من هذا الباب والياء تكون فيه زائدة انتهى، وقيل: يثرب اسم رجل من العمالقة وبه سميت المدينة وكان يقال لها أثرب أيضاً، ونقل الطبرسي عن الشريف المرتضى أن للمدينة أسماء منها يثرب وطيبة وطابة والدار والسكينة وجائزة والمحبورة والمحبة والمحبوبة والعذاء والمرحومة والقاصمة ويندد انتهى، وكأن القائلين اختاروا يثرب من / بين الأسماء مخالفة له صلى الله عليه وسلم لما علموا من كراهيته عليه الصلاة والسلام لهذا الاسم من بينها، ونداؤهم أهل المدينة بعنوان أهليتهم لها ترشيح لما بعد من الأمر بالرجوع إليها.

{ لاَ مُقَامَ لَكُمْ } أي لا مكان إقامة أو لا إقامة لكم أي لا ينبغي أو لا يمكن لكم الإقامة هٰهنا. وقرأ أبو جعفر وشيبة وأبو رجاء والحسن وقتادة والنخعي وعبد الله بن مسلم وطلحة وأكثر السبعة { لاَ مُقَامَ } بفتح الميم وهو يحتمل أيضاً المكان أي لا مكان قيام والمصدر أي لا قيام لكم، والمعنى على نحو ما تقدم { فَٱرْجِعُواْ } أي إلى منازلكم بالمدينة ليكون ذلك أسلم لكم من القتل أو ليكون لكم عند هذه الأحزاب يد، قيل: ومرادهم أمرهم بالفرار على ما يشعر به ما بعد لكنهم عبروا عنه بالرجوع ترويجاً لمقالتهم وأيذاناً بأنه ليس من قبيل الفرار المذموم، وقيل: المعنى لا مقام لكم في دين محمد صلى الله عليه وسلم فارجعوا إلى ما كنتم عليه من الشرك أو فارجعوا عما بايعتموه عليه وأسلموه إلى أعدائه عليه الصلاة والسلام، أو لا مقام لكم بعد اليوم في يثرب أو نواحيها لغلبة الأعداء فارجعوا كفاراً ليتسنى لكم المقام فيها لارتفاع العداوة حينئذٍ.

السابقالتالي
2