الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ }

و: { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ }: مُفَسِّرٌ لقولِه " مَنْ يعمل ". و " مِنْ مَحاريب " بيانٌ لِما يَشاء.

قوله: " كالجوابِ " قرأ ابنُ كثير بإثباتِ ياء " الجوابي " وصلاً ووقفاً. وأبو عمروٍ وورشٌ بإثباتِها وَصْلاً، وحَذْفِها وقفاً. والباقون بحَذْفِها في الحالَيْن. و " كالجواب " صفةٌ لـ " جِفان ". والجِفانُ: جمعُ جَفْنَة. والجوابي: جمع جابِيَة كضارِبة وضوارِب. والجابيةُ: الحَوْضُ العظيم سُمِّيَتْ بذلك لأنه يُجْبى إليها الماءُ. وإسنادُ الفعلِ إليها مَجازٌ؛ لأنه يُجْبَى فيها كما قيل: خابِية لِما يُخَبَّأُ فيها. قال الشاعر:
3724 ـ بجِفانٍ تَعْتَرِي نادِيَنا   مِنْ سَدِيْفٍ حين هاجَ الصِّنَّبِرْ
كالجوابي لاتِني مُتْرَعَةً   لِقِرى الأضيافِ أو للمحتضِرْ
وقال الأعشى:
3725 ـ نَفَى الذَّمَّ عن آلِ المُحَلَّقِ جَفْنَةٌ   كجابِيَةِ السَّيْحِ العِراقيِّ تَفْهَقُ
وقال الأفوه:
3726 ـ وقُدُوْرٍ كالرُّبا راسِيَةٍ   وجِفانٍ كالجَوابي مُتْرَعَهْ
قوله: " شُكْراً " يجوز فيه أوجهٌ، أحدها: أنه مفعولٌ به أي: اعْمَلوا الطاعةَ. سُمِّيَتِ الصلاةُ ونحوُها شكراً لسَدِّها مَسَدَّه. الثاني: أنه مصدرٌ مِنْ معنى اعْمَلوا، كأنه قيل: اشكروا شكراً بعملكم، أو اعملوا عملَ شكرٍ. الثالث: أنه مفعولٌ من أجله. أي: لأجل الشكر. الرابع: أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ أي: شاكرين. الخامس: أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدرٍ مِنْ لفظِه، تقديره: واشكروا شكراً. السادس: أنه صفةٌ لمصدرِ " اعْمَلوا " تقديره: اعْمَلوا عَمَلاً شُكْراً أي: ذا شكر.

قوله: " وقليلٌ " خبرٌ مقدمٌ. و " من عبادِيْ " صفةٌ له و " الشَّكورُ " مبتدأ.