الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ }

يعنـي جل ثناؤه بقوله: { وَإِذِ ابْتَلَـى } وإذا اختبر، يقال منه: ابتلـيت فلاناً ابتلـيه ابتلاءً. ومنه قول الله عزّ وجل { وابْتَلُوا الـيَتامَى } يعنـي به: اختبروهم. وكان اختبـار الله تعالـى ذكره إبراهيـم اختبـارا بفرائض فرضها علـيه، وأمْرٍ أمَرَه به، وذلك هو الكلـمات التـي أوحاهنّ إلـيه وكلفه العمل بهنّ امتـحاناً منه له واختبـاراً. ثم اختلف أهل التأويـل فـي صفة الكلـمات التـي ابتلـى اللَّهُ بها إبراهيـمَ نبـيَّه وخـلـيـلَهُ صلوات الله علـيه، فقال بعضهم: هي شرائع الإسلام، وهي ثلاثون سهماً. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا عبد الأعلـى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبـاس فـي قوله: { وَإذِ ابْتَلَـى إبْرَاهِيـمَ رَبُّهُ بِكلِـماتٍ } قال: قال ابن عبـاس: لـم يُبْتَلَ أحد بهذا الدين فأقامه إلا إبراهيـم، ابتلاه الله بكلـمات فأتـمهنّ قال: فكتب الله له البراءة، فقال:وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [النجم: 37] قال: عشر منها فـي الأحزاب، وعشر منها فـي براءة، وعشر منها فـي الـمؤمنـين وسأل سائل وقال: إن هذا الإسلام ثلاثون سهماً. حدثنا إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد الطحان، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: ما ابْتُلـي أحد بهذا الدين فقام به كله غير إبراهيـم ابتلـي بـالإسلام فأتـمه، فكتب الله له البراءة، فقال:وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [النجم: 37] فذكر عشراً فـي براءة، فقال:ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ } [التوبة: 112] إلـى آخرِ الآيات، وعشراً فـي الأحزاب:إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } [الأحزاب: 35]، وعشراً فـي سورة الـمؤمنـين، إلـى قوله:وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [المؤمنون: 9]، وعشراً فـي سأل سائل:وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [المؤمنون: 9]. حدثنا عبـيد الله بن أحمد بن شبرمة، قال: ثنا علـيّ بن الـحسن، قال: ثنا خارجة بن مصعب، عن داود بن أبـي هند، عن عكرمة، عن ابن عبـاس قال: الإسلام ثلاثون سهماً، وما ابتُلـي بهذا الدين أحدٌ فأقامه إلا إبراهيـم، قال اللهوَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [النجم: 37] فكتب الله له براءة من النار. وقال آخرون: هي خصال عشرٌ من سنن الإسلام. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن ابن طاوس، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { وَإِذِ ابْتَلَـى إبْرَاهِيـمَ رَبُّهُ بِكَلِـمَاتٍ } قال: ابتلاه الله بـالطهارة: خمس فـي الرأس، وخمس فـي الـجسد. فـي الرأس: قصّ الشارب، والـمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفـي الـجسد: تقلـيـم الأظفـار، وحلق العانة، والـختان، ونتف الإبط، وغسل أثر الغائط والبول بـالـماء. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الـحكم بن أبـان، عن القاسم بن أبـي بزة، عن ابن عبـاس بـمثله، ولـم يذكر أثر البول. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا سلـيـمان، قال: ثنا أبو هلال. قال: ثنا قتادة فـي قوله: { وَإِذِ ابْتَلَـى إبْرَاهِيـمَ رَبُّهُ بِكَلِـمَاتٍ } قال: ابتلاه بـالـختان، وحلق العانة، وغسل القبل والدبر، والسواك، وقصّ الشارب، وتقلـيـم الأظافر، ونتف الإبط.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8